الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ربع ]

                                                          ربع : الأربعة والأربعون من العدد : معروف والأربعة في عدد المذكر والأربع في عدد المؤنث ، والأربعون بعد الثلاثين ، ولا يجوز في أربعين أربعين كما جاز في فلسطين وبابه لأن مذهب الجمع في أربعين [ ص: 83 ] وعشرين وبابه أقوى وأغلب منه في فلسطين وبابها ، فأما قول سحيم بن وثيل الرياحي :


                                                          وماذا يدري الشعراء مني وقد جاوزت حد الأربعين ؟



                                                          فليست النون فيه حرف إعراب ولا الكسرة فيها علامة جر الاسم ، وإنما هي حركة لالتقاء الساكنين إذا التقيا ولم تفتح كما تفتح نون الجمع لأن الشاعر اضطر إلى ذلك لئلا تختلف حركة حرف الروي في سائر الأبيات ، ألا ترى أن فيها :


                                                          أخو خمسين مجتمع أشدي     ونجذني مداورة الشؤون



                                                          ورباع : معدول من أربعة . وقوله تعالى : مثنى وثلاث ورباع أراد أربعا فعدله ولذلك ترك صرفه . ابن جني : قرأ الأعمش مثنى وثلث وربع ، على مثال عمر ، أراد ورباع فحذف الألف . وربع القوم يربعهم ربعا : صار رابعهم وجعلهم أربعة أو أربعين . وأربعوا : صاروا أربعة أو أربعين . وفي حديث عمرو بن عبسة : لقد رأيتني وإني لربع الإسلام أي : رابع أهل الإسلام تقدمني ثلاثة وكنت رابعهم . وورد في الحديث : كنت رابع أربعة أي : واحدا من أربعة . وفي حديث الشعبي في السقط : إذا نكس في الخلق الرابع أي : إذا صار مضغة في الرحم لأن الله - عز وجل - قال : فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة . وفي بعض الحديث : فجاءت عيناه بأربعة أي : بدموع جرت من نواحي عينيه الأربع . والربع في الحمى : إتيانها في اليوم الرابع ، وذلك أن يحم يوما ويترك يومين لا يحم ، ويحم في اليوم الرابع ، وهي حمى ربع ، وقد ربع الرجل فهو مربوع ومربع ، وأربع ، قال أسامة بن حبيب الهذلي :


                                                          من المربعين ومن آزل     إذا جنه الليل كالناحط



                                                          وأربعت عليه الحمى : لغة في ربع ، فهو مربع وأربعت الحمى زيدا وأربعت عليه : أخذته ربعا ، وأغبته : أخذته غبا ، ورجل مربع ومغب ، بكسر الباء . قال الأزهري : فقيل له لم قلت أربعت الحمى زيدا ثم قلت من المربعين فجعلته مرة مفعولا ومرة فاعلا ؟ فقال : يقال أربع الرجل أيضا . قال الأزهري : كلام العرب أربعت عليه الحمى والرجل مربع ، بفتح الباء ، وقال ابن الأعرابي : أربعته الحمى ولا يقال ربعته . وفي الصحاح : تقول ربعت عليه الحمى . وفي الحديث : أغبوا في عيادة المريض وأربعوا إلا أن يكون مغلوبا ، قوله أربعوا أي : دعوه يومين بعد العيادة وأتوه اليوم الرابع ، وأصله من الربع في أوراد الإبل . والربع : الظمء من أظماء الإبل ، وهو أن تحبس الإبل عن الماء أربعا ثم ترد الخامس ، وقيل : هو أن ترد الماء يوما وتدعه يومين ثم ترد اليوم الرابع ، وقيل : هو لثلاث ليال وأربعة أيام . وربعت الإبل : وردت ربعا ، وإبل روابع ، واستعاره العجاج لورد القطا فقال :


                                                          وبلدة تمسي قطاها نسسا     روابعا وقدر ربع خمسا



                                                          وأربع الإبل : أوردها ربعا . وأربع الرجل : جاءت إبله روابع وخوامس ، وكذلك إلى العشر . والربع : مصدر ربع الوتر ونحوه يربعه ربعا ، جعله مفتولا من أربع قوى ، والقوة الطاقة ، ويقال : وتر مربوع ، ومنه قوللبيد :


                                                          رابط الجأش على فرجهم     أعطف الجون بمربوع متل



                                                          أي : بعنان شديد من أربع قوى . ويقال : أراد رمحا مربوعا لا قصيرا ولا طويلا ، والباء بمعنى مع أي : ومعي رمح . ورمح مربوع طوله أربع أذرع . وربع الشيء : صيره أربعة أجزاء وصيره على شكل ذي أربع وهو التربيع . أبو عمرو : الرومي شراع السفينة الفارغة ، والمربع شراع الملأى ، والمتلمظة مقعد الاشتيام وهو رئيس الركاب . والتربيع في الزرع : السقية التي بعد التثليث . وناقة ربوع : تحلب أربعة أقداح ، عن ابن الأعرابي . ورجل مربع الحاجبين : كثير شعرهما كأن له أربعة حواجب ، قال الراعي :


                                                          مربع أعلى حاجب العين أمه     شقيقة عبد من قطين مولد



                                                          والربع والربع والربيع : جزء من أربعة يطرد ذلك في هذه الكسور عند بعضهم ، والجمع أرباع وربوع . وفي حديث طلحة : أنه لما ربع يوم أحد وشلت يده قال له : باء طلحة بالجنة ، ربع أي : أصيبت أرباع رأسه وهي نواحيه ، وقيل : أصابه حمى الربع ، وقيل : أصيب جبينه ، وأما قول الفرزدق :


                                                          أظنك مفجوعا بربع منافق     تلبس أثواب الخيانة والغدر



                                                          فإنه أراد أن يمينه تقطع فيذهب ربع أطرافه الأربعة . وربعهم يربعهم ربعا : أخذ ربع أموالهم مثل عشرتهم أعشرهم . وربعهم : أخذ ربع الغنيمة . والمرباع : ما يأخذه الرئيس وهو ربع الغنيمة ، قال :


                                                          لك المرباع منها والصفايا     وحكمك والنشيطة والفضول



                                                          الصفايا : ما يصطفيه الرئيس ، والنشيطة : ما أصاب من الغنيمة قبل أن يصير إلى مجتمع الحي ، والفضول : ما عجز أن يقسم لقلته وخص به . وفي حديث القيامة : ألم أذرك ترأس وتربع أي : تأخذ ربع الغنيمة أو تأخذ المرباع ، معناه ألم أجعلك رئيسا مطاعا ؟ قال قطرب : المرباع الربع والمعشار العشر ولم يسمع في غيرهما ، ومنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعدي بن حاتم قبل إسلامه : إنك لتأكل المرباع وهو لا يحل لك في دينك ، كانوا في الجاهلية إذا غزا بعضهم بعضا وغنموا أخذ الرئيس ربع الغنيمة خالصا دون أصحابه ، وذلك الربع يسمى المرباع ، ومنه شعر وفد تميم :


                                                          نحن الرؤوس وفينا يقسم الربع



                                                          وقال ابن سكيت في قول لبيد يصف الغيث :


                                                          كأن فيه لما ارتفقت له     ريطا ومرباع غانم لجبا



                                                          [ ص: 84 ] قال : ذكر السحاب ، والارتفاق : الاتكاء على المرفق ، يقول : اتكأت على مرفقي أشيمه ولا أنام ، شبه تبوج البرق فيه بالريط الأبيض ، والريطة : ملاءة ليست بملفقة ، وأراد بمرباع غانم ، صوت رعده شبهه بمرباع صاحب الجيش إذا عزل له ربع النهب من الإبل فتحانت عند الموالاة ، فشبه صوت الرعد فيه بحنينها ، وربع الجيش يربعهم ربعا ورباعة : أخذ ذلك منهم . وربع الحجر يربعه ربعا وارتبعه : شاله ورفعه ، وقيل : حمله ، وقيل : الربع أن يشال الحجر باليد يفعل ذلك لتعرف به شدة الرجل . قال الأزهري : يقال ذلك في الحجر خاصة . والمربوع والربيعة : الحجر المرفوع ، وقيل : الذي يشال . وفي الحديث : مر بقوم يربعون حجرا أو يرتبعون ، فقال : عمال الله أقوى من هؤلاء ، الربع : إشالة الحجر ورفعه لإظهار القوة . والمربعة : خشيبة قصيرة يرفع بها العدل يأخذ رجلان بطرفيها فيحملان الحمل ويضعانه على ظهر البعير ، وقال الأزهري : هي عصا تحمل بها الأثقال حتى توضع على ظهر الدواب ، وقيل : كل شيء رفع به شيء مربعة ، وقد رابعه . تقول منه : ربعت الحمل إذا أدخلتها تحته وأخذت أنت بطرفها وصاحبك بطرفها الآخر ثم رفعته على البعير ، ومنه قول الشاعر :


                                                          أين الشظاظان وأين المربعه ؟     وأين وسق الناقة الجلنفعه ؟



                                                          فإن لم تكن المربعة فالمرابعة ، وهي أن تأخذ بيد الرجل ويأخذ بيدك تحت الحمل حتى ترفعاه على البعير ، تقول : رابعت الرجل إذا رفعت معه العدل بالعصا على ظهر البعير ، قال الراجز :


                                                          يا ليت أم العمر كانت صاحبي     مكان من أنشا على الركائب
                                                          ورابعتني تحت ليل ضارب     بساعد فعم وكف خاضب



                                                          وربع بالمكان يربع ربعا : اطمأن . والربع : المنزل والدار بعينها ، والوطن متى كان وبأي مكان كان ، وهو مشتق من ذلك ، وجمعه أربع ورباع وربوع وأرباع . وفي حديث أسامة : قال له - عليه السلام - : وهل ترك لنا عقيل من ربع ؟ وفي رواية : من رباع ، الربع : المنزل ودار الإقامة . وربع القوم : محلتهم . وفي حديث عائشة : أرادت بيع رباعها أي : منازلها . وفي الحديث : الشفعة في كل ربعة أو حائط أو أرض ، الربعة : أخص من الربع ، والربع المحلة . يقال : ما أوسع ربع بني فلان ! والرباع : الرجل الكثير شراء الرباع ، وهي المنازل . وربع بالمكان ربعا : أقام . والربع : جماعة الناس . قال شمر : والربوع أهل المنازل أيضا ، قال الشماخ :


                                                          تصيبهم وتخطئني المنايا     وأخلف في ربوع عن ربوع



                                                          أي : في قوم بعد قوم ، وقال الأصمعي : يريد في ربع من أهلي ، أي : في مسكنهم ، بعد ربع . وقال أبو مالك : الربع مثل السكن وهما أهل البيت ، وأنشد :


                                                          فإن يك ربع من رجال أصابهم     من الله والحتم المطل شعوب



                                                          وقال شمر : الربع يكون المنزل وأهل المنزل ، قال ابن بري : والربع أيضا العدد الكثير قال الأحوص :


                                                          وفعلك مرضي وفعلك جحفل     ولا عيب في فعل ولا في مركب



                                                          قال : أما قول الراعي :


                                                          فعجنا على ربع بربع تعوده     من الصيف جشاء الحنين تؤرج



                                                          قال : الربع الثاني طرف الجبل . والمربوع من الشعر : الذي ذهب جزآن من ثمانية أجزاء من المديد والبسيط ، والمثلوث : الذي ذهب جزآن من ستة أجزاء . والربيع : جزء من أجزاء السنة فمن العرب من يجعله الفصل الذي يدرك فيه الثمار وهو الخريف ثم فصل الشتاء بعده ثم فصل الصيف ، وهو الوقت الذي يدعوه العامة الربيع ، ثم فصل القيظ بعده ، وهو الذي يدعوه العامة الصيف ، ومنهم من يسمي الفصل الذي تدرك فيه الثمار وهو الخريف ، الربيع الأول ويسمى الفصل الذي يتلو الشتاء وتأتي فيه الكمأة والنور الربيع الثاني ، وكلهم مجمعون على أن الخريف هو الربيع ، قال أبو حنيفة : يسمى قسما الشتاء ربيعين : الأول منهما ربيع الماء والأمطار ، والثاني ربيع النبات لأن فيه ينتهي النبات منتهاه ، قال : والشتاء كله ربيع عند العرب من أجل الندى ، قال : والمطر عندهم ربيع متى جاء ، والجمع أربعة ورباع . وشهرا ربيع سميا بذلك لأنهما حدا في هذا الزمن فلزمهما في غيره وهما شهران بعد صفر ، ولا يقال فيهما إلا شهر ربيع الأول وشهر ربيع الآخر . والربيع عند العرب ربيعان : ربيع الشهور وربيع الأزمنة ، فربيع الشهور شهران بعد صفر ، وأما ربيع الأزمنة فربيعان : الربيع الأول وهو الفصل الذي تأتي فيه الكمأة والنور وهو ربيع الكلإ ، والثاني هو الفصل الذي تدرك فيه الثمار ، ومنهم من يسميه الربيع الأول ، وكان أبو الغوث يقول : العرب تجعل السنة ستة أزمنة : شهران منها الربيع الأول ، وشهران صيف ، وشهران قيظ ، وشهران الربيع الثاني ، وشهران خريف ، وشهران شتاء ، وأنشد لسعد بن مالك بن ضبيعة :


                                                          إن بني صبية صيفيون     أفلح من كانت له ربعيون



                                                          فجعل الصيف بعد الربيع الأول . وحكى الأزهري عن أبي يحيى بن كناسة في صفة أزمنة السنة وفصولها وكان علامة بها : أن السنة أربعة أزمنة : الربيع الأول وهو عند العامة الخريف ، ثم الشتاء ثم الصيف ، وهو الربيع الآخر ، ثم القيظ ، وهذا كله قول العرب في البادية ، قال : والربيع الأول الذي هو الخريف عند الفرس يدخل لثلاثة أيام من أيلول ، قال : ويدخل الشتاء لثلاثة أيام من كانون الأول ، ويدخل الصيف الذي هو الربيع عند الفرس لخمسة أيام تخلو من آذار ، ويدخل القيظ الذي هو صيف عند الفرس لأربعة أيام تخلو من [ ص: 85 ] حزيران ، قال أبو يحيى : وربيع أهل العراق موافق لربيع الفرس ، وهو الذي يكون بعد الشتاء ، وهو زمان الورد ، وهو أعدل الأزمنة ، وفيه تقطع العروق ، ويشرب الدواء ، قال : وأهل العراق يمطرون في الشتاء كله ، ويخصبون في الربيع الذي يتلو الشتاء ، فأما أهل اليمن فإنهم يمطرون في القيظ ، ويخصبون في الخريف الذي تسميه العرب الربيع الأول . قال الأزهري : وسمعت العرب يقولون لأول مطر يقع بالأرض أيام الخريف ربيع ، ويقولون إذا وقع ربيع بالأرض : بعثنا الرواد ، وانتجعنا مساقط الغيث ، وسمعتهم يقولون للنخيل إذا خرفت وصرمت : قد تربعت النخيل ، قال : وإنما سمي فصل الخريف خريفا ، لأن الثمار تخترف فيه ، وسمته العرب ربيعا لوقوع أول المطر فيه . قال الأزهري : العرب تذكر الشهور كلها مجردة ، إلا شهري ربيع وشهر رمضان . قال ابن بري : ويقال يوم قائظ ، وصاف ، وشات ولا يقال يوم رابع ، لأنهم لم يبنوا منه فعلا على حد قاظ يومنا وشتا فيقولوا ربع يومنا لأنه لا معنى فيه لحر ولا برد كما في قاظ وشتا . وفي حديث الدعاء : اللهم اجعل القرآن ربيع قلبي ، جعله ربيعا له لأن الإنسان يرتاح قلبه في الربيع من الأزمان ويميل إليه ، وجمع الربيع أربعاء وأربعة مثل نصيب وأنصباء وأنصبة ، قال يعقوب : ويجمع ربيع الكلأ على أربعة ، وربيع الجداول أربعاء . والربيع : الجدول . وفي حديث المزارعة : ويشترط ما سقى الربيع والأربعاء ، قال : الربيع النهر الصغير ، قال : وهو السعيد أيضا . وفي الحديث : فعدل إلى الربيع فتطهر . وفي الحديث : بما ينبت على ربيع الساقي ، هذا من إضافة الموصوف إلى الصفة ، أي : النهر الذي يسقي الزرع ، وأنشد الأصمعي قول الشاعر :


                                                          فوه ربيع وكفه قدح     وبطنه حين يتكي شربه
                                                          يساقط الناس حوله مرضا     وهو صحيح ما إن به قلبه



                                                          أراد بقوله فوه ربيع أي : نهر لكثرة شربه ، والجمع أربعاء ، ومنه الحديث : أنهم كانوا يكرون الأرض بما ينبت على الأربعاء أي : كانوا يكرون الأرض بشيء معلوم ، ويشترطون بعد ذلك على مكتريها ما ينبت على الأنهار والسواقي . وفي حديث سهل بن سعد - رضي الله عنه : كانت لنا عجوز تأخذ من أصول سلق كنا نغرسه على أربعائنا . وربيع رابع : مخصب على المبالغة ، وربما سمي الكلأ والغيث ربيعا . والربيع أيضا : المطر الذي يكون في الربيع ، وقيل يكون بعد الوسمي وبعده الصيف ثم الحميم . والربيع : ما تعتلفه الدواب من الخضر ، والجمع من كل ذلك أربعة . والربعة ، بالكسر : اجتماع الماشية في الربيع ، يقال : بلد ميث أنيث طيب الربعة مريء العود . وربع الربيع يربع ربوعا : دخل . وأربع القوم : دخلوا في الربيع ، وقيل : أربعوا صاروا إلى الريف والماء . وتربع القوم الموضع وبه وارتبعوه : أقاموا فيه زمن الربيع . وفي حديث ابن عبد العزيز : أنه جمع في متربع له ، المربع والمرتبع والمتربع : الموضع الذي ينزل فيه أيام الربيع ، وهذا على مذهب من يرى إقامة الجمعة في غير الأمصار ، وقيل : تربعوا وارتبعوا أصابوا ربيعا ، وقيل : أصابوه فأقاموا فيه . وتربعت الإبل بمكان كذا وكذا أي : أقامت به ، قال الأزهري : وأنشدني أعرابي :


                                                          تربعت تحت السمي الغيم     في بلد عافي الرياض مبهم



                                                          عافي الرياض أي : رياضه عافية وافية لم ترع . مبهم : كثير البهمى . والمربع : الموضع الذي يقام فيه زمن الربيع خاصة ، وتقول : هذه مرابعنا ومصايفنا أي : حيث نرتبع ونصيف ، والنسبة إلى الربيع ربعي ، بكسر الراء ، وكذلك ربعي بن خراش . وقيل : أربعوا أي : أقاموا في المربع عن الارتياد والنجعة ، ومنه قولهم : غيث مربع مرتع ، المرتع الذي ينبت ما ترتع فيه الإبل . وفي حديث الاستسقاء : اللهم اسقنا غيثا مريعا مربعا ، فالمريع : المخصب الناجع في المال والمربع : العام المغني عن الارتياد والنجعة لعمومه ، فالناس يربعون حيث كانوا أي : يقيمون للخصب العام ولا يحتاجون إلى الانتقال في طلب الكلأ ، وقيل : يكون من أربع الغيث إذا أنبت الربيع ، وقول الشاعر :


                                                          يداك يد ربيع الناس فيها     وفي الأخرى الشهور من الحرام



                                                          أراد أن خصب الناس في إحدى يديه لأنه ينعش الناس بسيبه ، وفي يده الأخرى الأمن والحيطة ورعي الذمام . وارتبع الفرس والبعير وتربع : أكل الربيع . والمرتبع من الدواب : الذي رعى الربيع فسمن ونشط . وربع القوم ربعا : أصابهم مطر الربيع ، ومنه قول أبي وجزة :


                                                          حتى إذا ما إيالات جرت برحا     وقد ربعن الشوى من ماطر ماج



                                                          فإن معنى ربعن أمطرن من قولك ربعنا أي : أصابنا مطر الربيع ، وأراد بقوله من ماطر أي : عرق مأج ملح ، يقول : أمطرن قوائمهن من عرقهن . وربعت الأرض . فهي مربوعة إذا أصابها مطر الربيع . ومربعة ومرباع : كثيرة الربيع ، قال ذو الرمة :


                                                          بأول ما هاجت لك الشوق دمنة     بأجرع مرباع مرب محلل



                                                          وأربع إبله بمكان كذا وكذا : رعاها في الربيع ، وقول الشاعر :


                                                          أربع عند الورود في سدم     أنقع من غلتي وأجزئها



                                                          قيل : معناه ألغ في ماء سدم وألهج فيه . ويقال : تربعنا الحزن والصمان أي : رعينا بقولها في الشتاء . وعامله مرابعة ورباعا : من الربيع ، الأخيرة عن اللحياني . واستأجره مرابعة ، ورباعا عنه أيضا ، كما يقال مصايفة ومشاهرة . وقولهم : ما له هبع ولا ربع فالربع : الفصيل الذي ينتج في الربيع وهو أول النتاج ، سمي ربعا لأنه إذا مشى ارتبع وربع أي : وسع خطوه وعدا ، والجمع رباع وأرباع مثل رطب ورطاب وأرطاب ، قال الراجز :


                                                          وعلبة نازعتها رباعي     وعلبة عند مقيل الراعي



                                                          والأنثى ربعة ، والجمع ربعات ، فإذ نتج في آخر النتاج ، فهو هبع ، [ ص: 86 ] والأنثى هبعة ، وإذا نسب إليه فهو ربعي . وفي الحديث : مري بنيك أن يحسنوا غذاء رباعهم ، الرباع - بكسر الراء - : جمع ربع وهو ما ولد من الإبل في الربيع ، وقيل : ما ولد في أول النتاج ، وإحسان غذائها أن لا يستقصى حلب أمهاتها إبقاء عليها ، ومنه حديث عبد الملك بن عمير : كأنه أخفاف الرباع . وفي حديث عمر : سأله رجل من الصدقة فأعطاه ربعة يتبعها ظئراها هو تأنيث الربع ، وفي حديث سليمان بن عبد الملك :


                                                          إن بني صبية صيفيون     

                                                          أفلح من كان له ربعيون



                                                          الربعي : الذي ولد في الربيع على غير قياس ، وهو مثل للعرب قديم . وقيل للقمر : ما أنت ابن أربع فقال : عتمة ربع لا جائع ولا مرضع ، وقال الشاعر في جمع رباع :


                                                          سوف تكفي من حبهن فتاة     تربق البهم أو تخل الرباعا



                                                          يعني جمع ربع أي : تخل ألسنة الفصال تشقها ، وتجعل فيها عودا لئلا ترضع ، ورواه ابن الأعرابي : أو تحل الرباعا أي : تحل الربيع معنا حيث حللنا يعني أنها متبدية والرواية الأولى أولى ; لأنه أشبه بقوله تربق البهم أي : أنها تشد البهم عن أمهاتها ; لئلا ترضع ولئلا تفرق ، فكأن هذه الفتاة تخدم البهم والفصال ، وأرباع ورباع شاذ ; لأن سيبويه قال : إن حكم فعل أن يكسر على فعلان في غالب الأمر ، والأنثى ربعة . وناقة مربع : ذات ربع ، ومرباع : عادتها أن تنتج الرباع ، وفرق الجوهري فقال : ناقة مربع تنتج في الربيع ، فإن كان ذلك عادتها فهي مرباع . وقال الأصمعي : المرباع من النوق التي تلد في أول النتاج . والمرباع : التي ولدها معها وهو ربع . وفي حديث هشام في وصف ناقة : إنها لمرباع مسياع ، قال : هي من النوق التي تلد في أول النتاج ، وقيل : هي التي تبكر في الحمل ، ويروى بالياء وسيأتي ذكره . وربعية القوم : ميرتهم في أول الشتاء ، وقيل : الربعية ميرة الربيع ، وهي أول المير ، ثم الصيفية ، ثم الدفئية ، ثم الرمضية ، وكل ذلك مذكور في مواضعه . والربعية أيضا : العير الممتارة في الربيع ، وقيل : أول السنة ، وإنما يذهبون بأول السنة إلى الربيع ، والجمع رباعي . والربعية : الغزوة في الربيع ، قال النابغة :


                                                          وكانت لهم ربعية يحذرونها     إذا خضخضت ماء السماء القنابل



                                                          يعني أنه كانت لهم غزوة يغزونها في الربيع . وأربع الرجل فهو مربع : ولد له في شبابه ، على المثل بالربيع ، وولده ربعيون ; وأورد :


                                                          إن بني غلمة صيفيون     أفلح من كانت له ربعيون



                                                          وفصيل ربعي : نتج في الربيع نسب على غير قياس : وربعية النتاج والقيظ : أوله . وربعي كل شيء : أوله . ربعي النتاج ، وربعي الشباب : أوله ; أنشد ثعلب

                                                          :

                                                          جزعت فلم تجزع من الشيب مجزعا     وقد فات ربعي الشباب فودعا



                                                          وكذلك ربعي المجد ، والطعن ; وأنشد ثعلب أيضا :


                                                          عليكم بربعي الطعان فإنه     أشق على ذي الرثية المتصعب



                                                          ربعي الطعان : أوله وأحده . وسقب ربعي ، وسقاب ربعية : ولدت في أول النتاج ، قال الأعشى :


                                                          ولكنها كانت نوى أجنبية     توالي ربعي السقاب فأصحبا



                                                          قال الأزهري : هكذا سمعت العرب تنشده ، وفسروا لي توالي ربعي السقاب أنه من الموالاة ، وهو تمييز شيء من شيء . يقال : والينا الفصلان عن أمهاتها فتوالت أي : فصلناها عنها عند تمام الحول ، ويشتد عليها الموالاة ، ويكثر حنينها في إثر أمهاتها ، ويتخذ لها خندق تحبس فيه ، وتسرح الأمهات في وجه من مراتعها فإذا تباعدت عن أولادها سرحت الأولاد في جهة غير جهة الأمهات فترعى وحدها ، فتستمر على ذلك ، وتصحب بعد أيام أخبر الأعشى أن نوى صاحبته اشتدت عليه ، فحن إليها حنين ربعي السقاب إذا وولي عن أمه ، وأخبر أن هذا الفصيل يستمر على الموالاة ، ولم يصحب إصحاب السقب . قال الأزهري : وإنما فسرت هذا البيت لأن الرواة لما أشكل عليهم معناه تخبطوا في استخراجه ، وخلطوا ولم يعرفوا منه ما يعرفه من شاهد القوم في باديتهم ، والعرب تقول : لو ذهبت تريد ولاء ضبة من تميم لتعذر عليك موالاتهم منهم لاختلاط أنسابهم ; قال الشاعر :


                                                          وكنا خليطى في الجمال فأصبحت     جمالي توالى ولها من جمالك



                                                          توالى أي : تميز منها . والسبط الربعي : نخلة تدرك آخر القيظ ; قال أبو حنيفة : سمي ربعيا ; لأن آخر القيظ وقت الوسمي . وناقة ربعية : متقدمة النتاج ، والعرب تقول : صرفانة ربعية تصرم بالصيف ، وتؤكل بالشتية ، ربعية : متقدمة . وارتبعت الناقة ، وأربعت وهي مربع : استغلقت رحمها ، فلم تقبل الماء . ورجل مربوع ومرتبع ومرتبع وربع وربعة وربعة أي : مربوع الخلق لا بالطويل ولا بالقصير ، وصف المذكر بهذا الاسم المؤنث ، كما وصف المذكر بخمسة ونحوها ، حين قالوا : رجال خمسة والمؤنث ربعة ، وربعة كالمذكر ، وأصله له وجمعهما جميعا ربعات ، حركوا الثاني وإن كان صفة ; لأن أصل ربعة اسم مؤنث ، وقع على المذكر والمؤنث ، فوصف به ، وقد يقال : ربعات - بسكون الباء - فيجمع على ما يجمع هذا الضرب من الصفة حكاه ثعلب عن ابن الأعرابي . قال الفراء : إنما حرك ربعات ; لأنه جاء نعتا للمذكر والمؤنث ، فكأنه اسم نعت به . قال الأزهري : خولف به طريق ضخمة وضخمات لاستواء نعت الرجل والمرأة في قوله : رجل ربعة وامرأة ربعة فصار كالاسم ، والأصل في باب فعلة من الأسماء مثل تمرة ، وجفنة أن يجمع على فعلات مثل تمرات وجفنات ، وما كان من النعوت على فعلة مثل شاة لجبة وامرأة عبلة أن يجمع على [ ص: 87 ] فعلات بسكون العين ، وإنما جمع ربعة على ربعات ، وهو نعت لأنه أشبه الأسماء لاستواء لفظ المذكر والمؤنث في واحده ; قال : وقال الفراء من العرب من يقول : امرأة ربعة ، ونسوة ربعات ، وكذلك رجل ربعة ، ورجال ربعون ، فيجعله كسائر النعوت . وفي صفته صلى الله عليه وسلم : أطول من المربوع ، وأقصر من المشذب ، فالمشذب : الطويل البائن ، والمربوع : الذي ليس بطويل ولا قصير ، فالمعنى أنه لم يكن مفرط الطول ، ولكن كان بين الربعة والمشذب . والمرابيع من الخيل : المجتمعة الخلق . والربعة بالتسكين : الجونة ، جونة العطار ، وفي حديث هرقل : ثم دعا بشيء كالربعة العظيمة ، الربعة : إناء مربع ، كالجونة . والربعة : المسافة بين قوائم الأثافي والخوان . وحملت ربعه ، أي : نعشه . والربيع : الجدول . والربيع : الحظ من الماء ما كان ، وقيل : هو الحظ منه ربع يوم أو ليلة وليس بالقوي . والربيع : الساقية الصغيرة تجري إلى النخل حجازية ، والجمع أربعاء ، وربعان . وتركناهم على رباعاتهم ، ورباعتهم - بكسر الراء - وربعاتهم ، وربعاتهم - بفتح الباء وكسرها - أي : حالة حسنة من استقامتهم وأمرهم الأول ، لا يكون في غير حسن الحال ، وقيل : رباعتهم شأنهم ، وقال ثعلب : ربعاتهم وربعاتهم ، منازلهم . وفي كتابه للمهاجرين والأنصار : إنهم أمة واحدة على رباعتهم ، أي : على استقامتهم ، يريد أنهم على أمرهم الذي كانوا عليه . ورباعة الرجل : شأنه وحاله ، التي هو رابع عليها ، أي : ثابت مقيم . الفراء : الناس على سكناتهم ، ونزلاتهم ، ورباعتهم ، وربعاتهم ، يعني على استقامتهم . ووقع في كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليهود على ربعتهم ، هكذا وجد في سير ابن إسحاق ، وعلى ذلك فسره ابن هشام . وفي حديث المغيرة : أن فلانا قد ارتبع أمر القوم ، أي : ينتظر أن يؤمر عليهم ، ومنه المستربع المطيق للشيء . وهو على رباعة قومه ، أي : هو سيدهم . ويقال : ما في بني فلان من يضبط رباعته ، غير فلان ، أي : أمره وشأنه ، الذي هو عليه . وفي التهذيب : ما في بني فلان أحد تغني رباعته ، قال الأخطل :


                                                          ما في معد فتى يغني رباعته     إذا يهم بأمر صالح فعلا



                                                          والرباعة أيضا : نحو من الحمالة . والرباعة والرباعة : القبيلة . والرباعية ، مثل الثمانية : إحدى الأسنان الأربع التي تلي الثنايا بين الثنية والناب ، تكون للإنسان وغيره ، والجمع رباعيات ، قال الأصمعي : للإنسان من فوق ثنيتان ورباعيتان بعدهما ، ونابان ، وضاحكان ، وستة أرحاء من كل جانب ، وناجذان ، وكذلك من أسفل . قال أبو زيد : يقال لكل خف وظلف ، ثنيتان من أسفل فقط ، وأما الحافر والسباع كلها فلها أربع ثنايا ، وللحافر بعد الثنايا أربع رباعيات ، وأربعة قوارح ، وأربعة أنياب ، وثمانية أضراس . وأربع الفرس والبعير : ألقى رباعيته ، وقيل : طلعت رباعيته ، وفي الحديث : لم أجد إلا جملا خيارا رباعيا ، يقال للذكر من الإبل إذا طلعت رباعيته : رباع ، ورباع ، وللأنثى رباعية بالتخفيف ، وذلك إذا دخلا في السنة السابعة . وفرس رباع مثل ثمان ، وكذلك الحمار والبعير ، والجمع ربع - بفتح الباء - عن ابن الأعرابي وربع - بسكون الباء - عن ثعلب وأرباع ورباع والأنثى رباعية كل ذلك للذي يلقي رباعيته فإذا نصبت أتممت فقلت : ركبت برذونا رباعيا ، قال العجاج يصف حمارا وحشيا :


                                                          رباعيا مرتبعا أو شوقبا



                                                          والجمع ربع مثل قذال وقذل ; وربعان مثل غزال وغزلان ، يقال ذلك للغنم في السنة الرابعة وللبقر والحافر في السنة الخامسة ، وللخف في السنة السابعة أربع يربع إرباعا ، وهو فرس رباع ، وهي فرس رباعية . وحكى الأزهري عن ابن الأعرابي قال : الخيل تثني وتربع وتقرح ، والإبل تثني وتربع وتسدس وتبزل ، والغنم تثني وتربع وتسدس وتصلغ ، قال : ويقال للفرس إذا استتم سنتين جذع ، فإذا استتم الثالثة فهو ثني ، وذلك عند إلقائه رواضعه ، فإذا استتم الرابعة فهو رباع قال : وإذا سقطت رواضعه ونبت مكانها سن فنبات تلك السن هو الإثناء ، ثم تسقط التي تليها عند إرباعه ، فهي رباعيته فينبت مكانه سن فهو رباع وجمعه ربع ، وأكثر الكلام ربع وأرباع ، فإذا حان قروحه سقط الذي يلي رباعيته ، فينبت مكانه قارحه وهو نابه ، وليس بعد القروح سقوط سن ولا نبات سن قال : وقال غيره إذا طعن البعير في السنة الخامسة ، فهو جذع فإذا طعن في السنة السادسة ، فهو ثني ، فإذا طعن في السنة السابعة ، فهو رباع والأنثى رباعية فإذا طعن في الثامنة ، فهو سدس وسديس ، فإذا طعن في التاسعة ، فهو بازل ، وقال ابن الأعرابي : تجذع العناق لسنة ، وتثني لتمام سنتين ، وهي رباعية لتمام ثلاث سنين ، وسدس لتمام أربع سنين ، وصالغ لتمام خمس سنين . وقال أبو فقعس الأسدي : ولد البقرة أول سنة تبيع ، ثم جذع ، ثم ثني ، ثم رباع ، ثم سدس ، ثم صالغ ، وهو أقصى أسنانه . والربيعة : الروضة . والربيعة : المزادة . والربيعة : العتيدة . وحرب رباعية : شديدة فتية وذلك ; لأن الإرباع أول شدة البعير والفرس ; فهي كالفرس الرباعي والجمل الرباعي ; وليست كالبازل الذي هو إدبار ولا كالثني فتكون ضعيفة وأنشد :


                                                          لأصبحن ظالما حربا رباعية     فاقعد لها ودعن عنك الأظانينا



                                                          قوله فاقعد لها أي : هيئ لها أقرانها . يقال : قعد بنو فلان لبني فلان إذا أطاقوهم وجاؤوهم بأعدادهم ، وكذلك قعد فلان بفلان ، ولم يفسر الأظانين وجمل رباع : كرباع ، وكذلك الفرس ، حكاه كراع ، قال : ولا نظير له إلا ثمان وشناح في ثمان وشناح ، والشناح : الطويل . والربيعة : بيضة السلاح الحديد . وأربعت الإبل بالورد : أسرعت الكر إليه ، فوردت بلا وقت ، وحكاه أبو عبيد بالغين المعجمة ، وهو تصحيف . والمربع : الذي يورد كل وقت من ذلك . وأربع بالمرأة : كر إلى مجامعتها من غير فترة ، وذكر الأزهري في ترجمة عذم قال : والمرأة تعذم الرجل إذا أربع لها بالكلام أي : تشتمه إذا سألها المكروه ، وهو الإرباع . والأربعاء والأربعاء والأربعاء : اليوم الرابع من الأسبوع ; لأن أول الأيام عندهم الأحد بدليل هذه التسمية ; ثم الاثنان ; ثم الثلاثاء ; ثم الأربعاء ; ولكنهم اختصوه بهذا البناء كما اختصوا الدبران [ ص: 88 ] والسماك لما ذهبوا إليه من الفرق . قال الأزهري : من قال أربعاء حمله على أسعداء . قال الجوهري : وحكي عن بعض بني أسد ، فتح الباء في الأربعاء ، والتثنية أربعاوان ، والجمع أربعاوات حمل على قياس قصباء وما أشبهها . قال اللحياني : كان أبو زياد يقول : مضى الأربعاء بما فيه فيفرده ويذكره ، وكان أبو الجراح يقول : مضت الأربعاء بما فيهن فيؤنث ويجمع ، يخرجه مخرج العدد ، وحكي عن ثعلب في جمعه أرابيع ، قال ابن سيده : ولست من هذا على ثقة . وحكي أيضا عنه عن ابن الأعرابي : لا تك أربعاويا أي : ممن يصوم الأربعاء وحده . وحكى ثعلب : بنى بيته على الأربعاء وعلى الأربعاوى ، ولم يأت على هذا المثال غيره ، إذا بناه على أربعة أعمدة ، والأربعاء والأربعاوى : عمود من أعمدة الخباء . وبيت أربعاوى : على طريقة واحدة وعلى طريقتين وثلاث وأربع . أبو زيد : يقال بيت أربعاواء على أفعلاواء ، وهو البيت على طريقتين ، قال : والبيوت على طريقتين وثلاث وأربع وطريقة واحدة فما كان على طريقة واحدة فهو خباء ، وما زاد على طريقة فهو بيت ، والطريقة : العمد الواحد وكل عمود طريقة ، وما كان بين عمودين فهو متن . ومشت الأرنب الأربعا بضم الهمزة وفتح الباء ، والقصر : وهي ضرب من المشي . وتربع في جلوسه وجلس الأربعا على لفظ ما تقدم : وهي ضرب من الجلس يعني جمع جلسة . وحكى كراع : جلس الأربعاوى أي : متربعا ; قال : ولا نظير له . أبو زيد : استربع الرمل إذا تراكم فارتفع ; وأنشد :


                                                          مستربع من عجاج الصيف منخول



                                                          واستربع البعير للسير إذا قوي عليه . وارتبع البعير يرتبع ارتباعا : أسرع ومر يضرب بقوائمه كلها ، قال العجاج :


                                                          كأن تحتي أخدريا أحقبا     رباعيا مرتبعا أو شوقبا
                                                          عرد التراقي حشورا معرقبا



                                                          والاسم الربعة وهي أشد عدو الإبل ; وأنشد الأصمعي قال ابن بري : هو لأبي دواد الرؤاسي :


                                                          واعرورت العلط العرضي تركضه     أم الفوارس بالدئداء والربعه



                                                          وهذا البيت يضرب مثلا في شدة الأمر ، يقول : ركبت هذه المرأة التي لها بنون فوارس بعيرا من عرض الإبل لا من خيارها ، وهي أربعهن لقاحا أي : أسرعهن عن ثعلب . وربع عليه وعنه يربع ربعا : كف . وربع يربع إذا وقف وتحبس . وفي حديث شريح : حدث امرأة حديثين ، فإن أبت فاربع قيل فيه : بمعنى قف واقتصر ، يقول : حدثها حديثين فإن أبت فأمسك ولا تتعب نفسك ومن قطع الهمزة قال : فأربع قال ابن الأثير : هذا مثل يضرب للبليد الذي لا يفهم ما يقال له أي : كرر القول عليها أربع مرات واربع على نفسك ربعا أي : كف وارفق ، واربع عليك واربع على ظلعك كذلك معناه : انتظر ; قال الأحوص :


                                                          ما ضر جيراننا إذ انتجعوا     لو أنهم قبل بينهم ربعوا ؟



                                                          وفي حديث سبيعة الأسلمية : لما تعلت من نفاسها تشوفت للخطاب ; فقيل لها : لا يحل لك فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لها : اربعي على نفسك قيل له تأويلان : أحدهما أن يكون بمعنى التوقف ، والانتظار فيكون قد أمرها أن تكف عن التزوج وأن تنتظر تمام عدة الوفاة على مذهب من يقول إن عدتها أبعد الأجلين ، وهو من ربع يربع إذا وقف وانتظر ، والثاني أن يكون من ربع الرجل إذا أخصب ; وأربع إذا دخل في الربيع أي : نفسي عن نفسك وأخرجيها من بؤس العدة وسوء الحال ، وهذا على مذهب من يرى أن عدتها أدنى الأجلين ولهذا قال عمر - رضي الله عنه - : إذا ولدت وزوجها على سريره يعني لم يدفن جاز لها أن تتزوج . ومنه الحديث : فإنه لا يربع على ظلعك من لا يحزنه أمرك أي : لا يحتبس عليك ويصبر إلا من يهمه أمرك . وفي حديث حليمة السعدية : اربعي علينا أي : ارفقي واقتصري . وفي حديث صلة بن أشيم قلت لها : أي نفس ! جعل رزقك كفافا فاربعي ، فربعت ولم تكد ، أي : اقتصري على هذا وارضي به . وربع عليه ربعا : عطف ، وقيل : رفق . واستربع الشيء : أطاقه عن ابن الأعرابي ، وأنشد :


                                                          لعمري لقد ناطت هوازن أمرها     بمستربعين الحرب شم المناخر



                                                          أي : بمطيقين الحرب . ورجل مستربع بعمله أي : مستقل به قوي عليه ، قال أبو وجزة :


                                                          لاع يكاد خفي الزجر يفرطه     مستربع بسرى الموماة هياج



                                                          اللاعي : الذي يفزعه أدنى شيء . ويفرطه : يملؤه روعا حتى يذهب به ، وأما قول صخر :


                                                          كريم الثنا مستربع كل حاسد



                                                          فمعناه أنه يحتمل حسده ويقدر ، قال الأزهري : هذا كله من ربع الحجر وإشالته . وتربعت الناقة سناما طويلا أي : حملته ; قال : وأما قول الجعدي :


                                                          وحائل بازل تربعت الص     صيف طويل العفاء كالأطم



                                                          فإنه نصب الصيف ; لأنه جعله ظرفا أي : تربعت في الصيف سناما طويل العفاء أي : حملته ، فكأنه قال : تربعت سناما طويلا كثير الشحم . والربوع الأحياء . والروبع والروبعة : داء يأخذ الفصال . يقال : أخذه روبع وروبعة أي : سقوط من مرض أو غيره ، قال جرير :


                                                          كانت قفيرة باللقاح مربة     تبكي إذا أخذ الفصيل الروبع



                                                          قال ابن بري : وقول رؤبة :


                                                          ومن همزنا عزه تبركعا     على استه روبعة أو روبعا



                                                          قال : ذكره ابن دريد والجوهري بالزاي ; وصوابه بالراء روبعة أو [ ص: 89 ] روبعا ; قال : وكذلك هو في شعر رؤبة وفسر بأنه القصير الحقير ، وقيل : القصير العرقوب ، وقيل : الناقص الخلق ، وأصله في ولد الناقة إذا خرج ناقص الخلق ، قاله ابن السكيت وأنشد الراجز بالراء ، وقيل : الروبع والروبعة الضعيف . واليربوع : دابة ، والأنثى بالهاء . وأرض مربعة : ذات يرابيع . الأزهري : واليربوع دويبة فوق الجرذ ، الذكر والأنثى فيه سواء . ويرابيع المتن : لحمه على التشبيه باليرابيع ; قاله كراع ، واحدها يربوع في التقدير ، والياء زائدة لأنهم ليس في كلامهم فعلول ، وقال الأزهري : لم أسمع لها بواحد . أحمد بن يحيى : إن جعلت واو يربوع أصلية أجريت الاسم المسمى به ، وإن جعلتها غير أصلية لم تجره وألحقته بأحمد ، وكذلك واو يكسوم . واليرابيع : دواب كالأوزاغ تكون في الرأس ; قال رؤبة :


                                                          فقأن بالصقع يرابيع الصاد



                                                          أراد الصيد فأعل على القياس المتروك . وفي حديث صيد المحرم : وفي اليربوع جفرة ; قيل : اليربوع نوع من الفأر ; قال ابن الأثير : والياء والواو زائدتان . ويربوع : أبو حي من تميم ، وهو يربوع بن حنظلة بن مالك بن عمرو بن تميم ، ويربوع أيضا : أبو بطن من مرة ، وهو يربوع بن غيظ بن مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان ، منهم الحارث بن ظالم اليربوعي المري . والربعة : حي من الأزد ، وأما قول ذي الرمة :


                                                          إذا ذابت الشمس اتقى صقراتها     بأفنان مربوع الصريمة معبل



                                                          فإنما عنى به شجرا أصابه مطر الربيع أي : جعله شجرا مربوعا فجعله خلفا منه . والمرابيع : الأمطار التي تجيء في أول الربيع ; قال لبيد يصف الديار :


                                                          رزقت مراييع النجوم وصابها     ودق الرواعد : جودها فرهامها



                                                          وعنى بالنجوم الأنواء . قال الأزهري : قال ابن الأعرابي مرابيع النجوم التي يكون بها المطر في أول الأنواء . والأربعاء : موضع . وربيعة : اسم . والربائع : بطون من تميم ، قال الجوهري : وفي تميم ربيعتان : الكبرى وهو ربيعة بن مالك بن زيد مناة بن تميم وهو ربيعة الجوع . والوسطى وهو ربيعة بن حنظلة بن مالك . وربيعة : أبو حي من هوازن ، وهو ربيعة بن عامر بن صعصعة وهم بنو مجد ، ومجد اسم أمهم نسبوا إليها . وفي عقيل ربيعتان : ربيعة بن عقيل وهو أبو الخلعاء ، وربيعة بن عامر بن عقيل وهو أبو الأبرص وقحافة وعرعرة وقرة وهما ينسبان للربيعتين . وربيعة الفرس : أبو قبيلة رجل من طيئ وأضافوه كما تضاف الأجناس ، وهو ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان ، وإنما سمي ربيعة الفرس لأنه أعطي من مال أبيه الخيل وأعطي أخوه الذهب فسمي مضر الحمراء ، والنسبة إليهم ربعي بالتحريك . ومربع : اسم رجل ; قال جرير :


                                                          زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا     أبشر بطول سلامة يا مربع



                                                          وسمت العرب ربيعا وربيعا ومربعا ومرباعا ; وقول أبي ذؤيب :


                                                          صخب الشوارب لا يزال كأنه     عبد لآل أبي ربيعة مسبع



                                                          أراد آل ربيعة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم لأنهم كثيرو الأموال والعبيد وأكثر مكة لهم . وفي الحديث ذكر مربع ، بكسر الميم ، وهو مال مربع بالمدينة في بني حارثة ، فأما - بالفتح - فهو جبل قرب مكة . والهدهد يكنى أبا الربيع . والربائع : مواضع ; قال :


                                                          جبل يزيد على الجبال إذا بدا     بين الربائع والجثوم مقيم



                                                          والترباع أيضا : اسم موضع ; قال :


                                                          لمن الديار عفون بالرضم     فمدافع الترباع فالرجم



                                                          وربع : اسم رجل من هذيل .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية