الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        قال : ( ويجوز أخذ أجرة الحمام والحجام ) أما الحمام فلتعارف الناس ولم تعتبر الجهالة لإجماع المسلمين قال عليه الصلاة والسلام : { ما رآه المسلمون [ ص: 289 ] حسنا فهو عند الله حسن }وأما الحجام . فلما روي أنه عليه الصلاة والسلام { احتجم وأعطى الحجام الأجرة }ولأنه استئجار على عمل معلوم بأجر معلوم فيقع جائزا .

                                                                                                        [ ص: 288 ]

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        [ ص: 288 ] الحديث الأول : قال عليه السلام : { ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن }; قلت : غريب مرفوعا ، ولم أجده إلا موقوفا على ابن مسعود ، وله طرق :

                                                                                                        أحدها : رواه أحمد في " مسنده " حدثنا أبو بكر بن عياش ثنا عاصم عن زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود ، قال : إن الله نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد صلى الله عليه وسلم فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد ، فجعلهم وزراء نبيه ، يقاتلون على دينه ، فما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن ، وما رأوه سيئا فهو عند الله سيئ انتهى .

                                                                                                        ومن طريق أحمد رواه الحاكم في " المستدرك في فضائل الصحابة " وزاد فيه : وقد رأى الصحابة [ ص: 289 ] جميعا أن يستخلف أبو بكر انتهى .

                                                                                                        وقال صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه انتهى . وكذلك رواه البزار في " مسنده " ، والبيهقي في كتاب المدخل " ، وقالا : لا نعلم رواه من حديث زر عن عبد الله غير أبي بكر بن عياش ، وغير أبي بكر يرويه عن عاصم عن أبي وائل عن عبد الله ، زاد البيهقي : ورواية ابن عياش أشبه انتهى . طريق آخر :

                                                                                                        رواه أبو داود الطيالسي في " مسنده " حدثنا المسعودي عن عاصم عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود ، فذكره ، إلا أنه قال عوض سيئ : قبيح ; ومن طريق أبي داود رواه أبو نعيم في " الحلية في ترجمة ابن مسعود " ، والبيهقي في " كتاب الاعتقاد " ، وكذلك رواه الطبراني في " معجمه " ، والمسعودي ضعيف . طريق آخر : رواه البيهقي أيضا في " المدخل " أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو العباس الأصم ثنا محمد بن إسحاق الصغاني ثنا أبو الجواب ثنا عمار بن زريق عن الأعمش عن مالك بن الحارث عن عبد الرحمن بن يزيد ، قال : قال عبد الله ، فذكره .

                                                                                                        الحديث الثاني : روي أنه عليه السلام { احتجم ، وأعطى الحجام أجره }; قلت : أخرجه البخاري ، ومسلم عن طاوس عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم { احتجم ، وأعطى الحجام أجره }انتهى .

                                                                                                        زاد البخاري في لفظ : ولو كان حراما لم يعطه ، وفي لفظ : ولو علم كراهية لم يعطه ، ولمسلم : ولو كان سحتا لم يعطه ، وأخرجه مسلم عن الشعبي عن ابن عباس { أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا غلاما لبني بياضة ، فحجمه ، وأعطاه أجره مدا ونصفا ، وكلم مواليه ، فحطوا عنه نصف مد ، وكان عليه مدان }انتهى . وأخرج مسلم عن حميد ، قال : { سئل أنس عن كسب الحجام ، فقال : احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم حجمه أبو طيبة ، فأمر له بصاعين من طعام ، وكلم أهله فوضعوا عنه من خراجه } ، انتهى .

                                                                                                        أحاديث الخصوم :

                                                                                                        ولأحمد في منع الاستئجار على الحجامة أحاديث : منها [ ص: 290 ] ما أخرجه مسلم عن رافع بن خديج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { كسب الحجام خبيث } ، انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } :

                                                                                                        رواه أبو داود ، والترمذي من طريق مالك عن ابن شهاب الزهري عن { ابن محيصة عن أبيه أنه كان له غلام حجام ، فزجره النبي صلى الله عليه وسلم عن كسبه ، فقال : ألا أطعمه أيتاما لي ؟ قال : لا ، قال : أفلا أتصدق به ، قال : لا ، فرخص له أن يعلفه ناضحه }انتهى . قال الترمذي : حديث حسن ، ورواه ابن ماجه حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة عن شبابة عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن حرام بن محيصة عن أبيه نحوه ; ورواه أحمد في " مسنده " حدثنا سفيان عن الزهري عن حرام بن سعد بن محيصة : { أن محيصة سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن كسب حجام له ، فنهاه عنه ، فلم يزل يكلمه ، حتى قال : أعلفه ناضحك ، أو أطعمه رقيقك }انتهى . حدثنا حجاج بن محمد ثنا ليث أخبرني يزيد بن أبي حبيب عن أبي عفير عن محمد بن سهل بن أبي حثمة عن { محيصة بن مسعود الأنصاري أنه كان له غلام حجام ، يقال له : نافع أبو طيبة ، فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله عن خراجه ، فقال : لا تقربه . فردد عليه القول فقال : اعلف به الناضح } ، حدثنا عبد الصمد ثنا هشام عن يحيى بن محمد عن أيوب أن رجلا من الأنصار يقال له : محيصة ، بلفظ أبي داود ، قال في " التنقيح " : وقد رواه محمد بن إسحاق عن الزهري عن حرام بن سعد بن محيصة عن أبيه عن جده ، ومع الاضطراب ففيه من يجهل حاله انتهى .




                                                                                                        الخدمات العلمية