الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب من حمل معه الماء لطهوره وقال أبو الدرداء أليس فيكم صاحب النعلين والطهور والوساد

                                                                                                                                                                                                        150 حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا شعبة عن أبي معاذ هو عطاء بن أبي ميمونة قال سمعت أنسا يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج لحاجته تبعته أنا وغلام منا معنا إداوة من ماء [ ص: 303 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 303 ] قوله : ( باب من حمل معه الماء لطهوره ) هو بالضم أي : ليتطهر به .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال أبو الدرداء أليس فيكم ) هذا الخطاب لعلقمة بن قيس ، والمراد بصاحب النعلين وما ذكر معهما عبد الله بن مسعود لأنه كان يتولى خدمة النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك ، وصاحب النعلين في الحقيقة هو النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقيل لابن مسعود صاحب النعلين مجازا لكونه كان يحملهما ، وسيأتي الحديث المذكور موصولا عند المصنف في المناقب إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                        وإيراد المصنف لحديث أنس مع هذا الطرف من حديث أبي الدرداء يشعر إشعارا قويا بأن الغلام المذكور من حديث أنس هو ابن مسعود ، وقد قدمنا أن لفظ الغلام يطلق على غير الصغير مجازا ، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لابن مسعود بمكة وهو يرعى الغنم إنك لغلام معلم وعلى هذا فقول أنس " وغلام منا " أي : من الصحابة أو من خدم النبي - صلى الله عليه وسلم - . وأما رواية الإسماعيلي التي فيها " من الأنصار " فلعلها من تصرف الراوي حيث رأى في الرواية " منا " فحملها على القبلية فرواها بالمعنى فقال من الأنصار ، أو إطلاق الأنصار على جميع الصحابة سائغ وإن كان العرف خصه بالأوس والخزرج ، وروى أبو داود من حديث أبي هريرة قال : " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أتى الخلاء أتيته بماء في ركوة فاستنجى " فيحتمل أن يفسر به الغلام المذكور في حديث أنس ، ويؤيده ما رواه المصنف في ذكر الجن من حديث أبي هريرة أنه كان يحمل مع النبي - صلى الله عليه وسلم - الإداوة لوضوئه وحاجته ، وأيضا فإن في رواية أخرى لمسلم أن أنسا وصفه بالصغر في ذلك الحديث ، فيبعد لذلك أن يكون هو ابن مسعود . والله أعلم . ويكون المراد بقوله أصغرنا أي : في الحال لقرب عهده بالإسلام .

                                                                                                                                                                                                        وعند مسلم في حديث جابر الطويل الذي في آخر الكتاب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - انطلق لحاجته فاتبعه جابر بإداوة ، فيحتمل أن يفسر به المبهم ، لا سيما وهو أنصاري . ووقع في رواية الإسماعيلي من طريق عاصم بن علي عن شعبة " فأتبعه وأنا غلام " بتقديم الواو فتكون حالية ، لكن تعقبه الإسماعيلي بأن الصحيح " أنا وغلام " أي : بواو العطف .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية