الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( ولقد استهزئ برسل من قبلك فأمليت للذين كفروا ثم أخذتهم فكيف كان عقاب ( 32 ) )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : يا محمد إن يستهزئ هؤلاء المشركون من قومك ويطلبوا منك الآيات تكذيبا منهم ما جئتهم به ، فاصبر على أذاهم لك وامض لأمر ربك في إنذارهم ، والإعذار إليهم ، فلقد استهزأت أمم من قبلك - قد خلت فمضت - برسلي ، فأطلت لهم في المهل ، ومددت لهم في الأجل ، ثم أحللت بهم عذابي ونقمتي حين تمادوا في غيهم وضلالهم ، فانظر كيف كان عقابي إياهم حين عاقبتهم ، [ ص: 461 ] ألم أذقهم أليم العذاب ، وأجعلهم عبرة لأولي الألباب؟

و "الإملاء" في كلام العرب : الإطالة ، يقال منه : "أمليت لفلان" إذا أطلت له في المهل ، ومنه : "الملاوة من الدهر" ومنه قولهم : "تمليت حبيبا ، ولذلك قيل لليل والنهار : "الملوان" لطولهما ، كما قال ابن مقبل :


ألا يا ديار الحي بالسبعان ألح عليها بالبلى الملوان

وقيل للخرق الواسع من الأرض : "ملا" كما قال الشاعر :


فأخضل منها كل بال وعين     وجيف الروايا بالملا المتباطن

لطول ما بين طرفيه وامتداده .

التالي السابق


الخدمات العلمية