الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( باب الفوات والإحصار الفوات ) : مصدر فاته يفوته فواتا ، وفوتا وهو ( سبق لا يدرك والإحصار ) مصدر أحصره أي : حبسه فهو ( الحبس ) أي : المنع ( من طلع عليه فجر يوم النحر ولم يقف بعرفة ، ولو لعذر فاته الحج ) في ذلك العام ، لانقضاء زمن الوقوف لقول جابر { لا يفوت الحج حتى يطلع الفجر من ليلة جمع قال أبو الزبير فقلت له : أقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك ؟ قال : نعم } رواه الأثرم ولمفهوم ما سبق من قوله صلى الله عليه وسلم { الحج عرفة ، فمن جاء قبل صلاة الفجر ليلة جمع فقد تم حجه } فإنه يدل على فوات الحج بخروج ليلة جمع .

                                                                                                                      ( وسقط عنه توابع الوقوف ، كمبيت بمزدلفة ومنى ، ورمي جمار ) كفوات متبوعها كمن عجز عن السجود بالجبهة لم يلزمه بغيرها ( وانقلب إحرامه عمرة نصا فيطوف ويسعى ، ويحلق أو يقصر ) لقول عمر لأبي أيوب لما فاته الحج " اصنع ما يصنع المعتمر ثم قد حللت ، فإن أدركت الحج قابلا فحج ، واهد ما استيسر من الهدي " رواه الشافعي وروى البخاري بإسناده عن عطاء مرفوعا نحوه ; ولأنه يجوز فسخ الحج إلى العمرة من غير فوات ، فمع الفوات أولى ( وسواء كان قارنا أو غيره ) ; لأن عمرة القارن لا يلزمه أفعالها وإنما يمنع من عمرة على عمرة إذا لزمه المضي في كل منهما .

                                                                                                                      ومحل انقلاب إحرامه عمرة ( إن لم يختر البقاء على إحرامه ليحج من قابل ) من غير إحرام [ ص: 524 ] متجدد ، فإن اختار ذلك فله استدامة الإحرام ; لأنه رضي بالمشقة على نفسه ( ولا تجزئ ) هذه العمرة التي انقلب إحرامه إليها ( عن عمرة الإسلام ) نصا لوجوبها كمنذورة ( وعليه القضاء ولو ) كان الحج الفائت ( نفلا ) لما روى الدارقطني بإسناده عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { من فاته عرفات فقد فاته الحج ، وليتحلل بعمرة وعليه الحج من قابل } وعمومه شامل للفرض والنفل وكذا ما سبق عن عمر ; ولأن الحج يلزم بالشروع فيه ، فيصير كالمنذور ، بخلاف سائر التطوعات وأما قوله صلى الله عليه وسلم { الحج مرة } فالمراد به : الواجب بأصل الشرع وهذا إنما وجب بإيجابه له بالشروع فيه ، كالمنذور .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية