الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        1382 [ ص: 21 ] ( 42 ) باب ما جاء في إفلاس الغريم .

                                                                                                                        1344 - مالك ، عن ابن شهاب ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " أيما رجل باع متاعا ، فأفلس الذي ابتاعه منه ، ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئا ، فوجده بعينه ، فهو أحق به ، وإن مات الذي ابتاعه ، فصاحب المتاع فيه إسوة الغرماء " .

                                                                                                                        1345 - مالك ، عن يحيى بن سعد ، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، عن عمر بن عبد العزيز ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن [ ص: 22 ] الحارث بن هشام ، عن أبي هريرة ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال " أيما رجل أفلس ، فأدرك الرجل ماله بعينه ، فهو أحق به من غيره " .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        30262 - قال أبو عمر : الحديث الأول مرسل في " الموطإ " عند جميع رواته عند مالك .

                                                                                                                        30263 - ورواه عبد الرزاق ، عن مالك عن ابن شهاب ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بلفظ " الموطأ " سواء .

                                                                                                                        30264 - واختلف فيه أصحاب ابن شهاب : فمنهم من أسنده ، [ ص: 23 ] فجعله عن ابن شهاب ، عن أبي بكر ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ومنهم من جعله ، عن ابن شهاب ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن مرسلا ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقد ذكرنا الرواة بذلك كله ، والأسانيد عنهم في " التمهيد " .

                                                                                                                        30265 - وأما حديث يحيى بن سعيد فمتصل صحيح مسند إلا أن قوله في حديث ابن شهاب ، عن أبي بكر : وإن مات الذي ابتاعه ، فصاحب المتاع إسوة الغرماء " ، ليس في حديث يحيى بن سعيد ، وهو موضع اختلف فيه العلماء على ما نذكره إن شاء الله - عز وجل - .

                                                                                                                        30266 - وقد روى هذا الحديث بشير بن نهيك ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : " إذا أفلس الرجل ، فوجد غريمه متاعه بعينه ، فهو أحق به " ، لم يذكر الموت ، ولا حكمه .

                                                                                                                        30267 - كذلك رواه قتادة ، وغيره ، عن بشير بن نهيك ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                                                                        30268 - وكذلك رواه أيوب ، وابن جريج ، وابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن هشام بن يحيى ، عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا أفلس الرجل ، فوجد البائع سلعته بعينها ، فهو أحق بها دون الغير " لم يذكر الموت ولا حكمه .

                                                                                                                        [ ص: 24 ] 30269 - ورواه ابن أبي ذئب ، عن أبي المعتمر بن عمرو بن نافع ، عن عمر بن خلدة الزرقي ، قال : أتينا أبا هريرة في صاحب لنا أفلس ، فقال أبو هريرة : قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أيما رجل مات ، أو أفلس ، فصاحب المتاع أحق بمتاعه إذا وجده بعينه " فسوى في روايته بين الموت ، والفلس .

                                                                                                                        30270 - قال أبو عمر : حديث التفليس حديث صحيح من نقل الحجازيين ، والبصريين ، رواه العدول ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ودفعه طائفة من العراقيين ، منهم : أبو حنيفة ، وأصحابه ، وسائر الكوفيين ، وردوه بالقياس على الأصول المجتمع عليها ، وهذا مما عيبوا به ، وعد عليهم من السنن التي ردوها بغير سنة صاروا إليها ; لأنهم أدخلوا القياس ، والنظر حيث لا مدخل له ، وإنما يصح الاعتبار ، والنظر عند عدم الآثار .

                                                                                                                        30271 - وحجتهم أن السلعة من المشتري وثمنها في ذمته ، فغرماؤه أحق بها كسائر ماله ، وهذا لا يجهله عالم ، ولكن الانقياد إلى السنة أولى بمعارضاتها بالرأي عند أهل العلم ، وعلى ذلك العلماء .

                                                                                                                        30272 - ذكر بشر بن عمر : سمعت مالك بن أنس كثيرا إذا حدث [ ص: 25 ] بحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيقال له : ما تقول أنت ؟ أو ما رأيك ؟ فيقول : فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة [ النور : 63 ] .

                                                                                                                        30273 - ومثل هذا في كتاب الشافعي كثير .

                                                                                                                        30274 - وممن قال بحديث التفليس جملة ، واستعمله - وإن تنازعوا في أشياء من فروعه - : فقهاء المدينة ، والشام ، والبصرة ، وجماعة أهل الحديث .

                                                                                                                        30275 - ولا أعلم لأهل الكوفة سلفا في هذه المسألة إلا ما رواه قتادة عن خلاس بن عمرو ، عن علي - رضي الله عنه - قال : وفيه إسوة الغرماء إذا وجدها بعينها .

                                                                                                                        30276 - وأحاديث خلاس عن علي - رضي الله عنه - ضعيفة عند أهل العلم [ ص: 26 ] بالحديث ، لا يرون في شيء منها إذا انفرد بها حجة .

                                                                                                                        30277 - وروى الثوري ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، قال : هو والغرماء فيه شرع سواء .

                                                                                                                        30278 - وليس قول إبراهيم حجة عند الجمهور .

                                                                                                                        30279 - ويشبه قوله في هذه المسألة قوله في المسكر .




                                                                                                                        الخدمات العلمية