الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم

عطف على جملة وهم من بعد غلبهم إلخ أي ويوم إذ يغلبون يفرح المؤمنون بنصر الله أي بنصر الله إياهم على الذين كانوا غلبوهم من قبل ، وكان غلبهم السابق أيضا بنصر الله إياهم على الروم لحكمة اقتضت هذا التعاقب وهي تهيئة أسباب انتصار المسلمين على الفريقين إذا حاربوهم بعد ذلك لنشر دين الله في بلاديهم ، وقد أومأ إلى هذا قوله : لله الأمر من قبل ومن بعد .

والجملة المضافة إلى " إذ " في قوله : ويومئذ محذوفة عوض عنها التنوين . والتقدير : ويوم إذ يغلبون يفرح المؤمنون ، فـ " يوم " منصوب على الظرفية ، وعامله " يفرح المؤمنون " .

وأضيف النصر إلى اسم الجلالة للتنويه بذلك النصر وأنه عناية لأجل المسلمين .

وجملة ينصر من يشاء تذييل ؛ لأن النصر المذكور فيها عام بعموم مفعوله وهو " من يشاء " فكل منصور داخل في هذا العموم ، أي من يشاء نصره لحكم [ ص: 48 ] يعلمها ، فالمشيئة هي الإرادة ، أي ينصر من يريد نصره ، وإرادته تعالى لا يسأل عنها ؛ ولذلك عقب بقوله : وهو العزيز ، فإن العزيز المطلق هو الذي يغلب كل مغالب له ، وعقبه بـ الرحيم للإشارة إلى أن عزته تعالى لا تخلو من رحمة بعباده ، ولولا رحمته لما أدال للمغلوب دولة على غالبه ، مع أنه تعالى هو الذي أراد غلبة الغالب الأول ، فكان الأمر الأول بعزته ، والأمر الثاني برحمته للمغلوب المنكوب ، وترتيب الصفتين العليتين منظور فيه لمقابلة كل صفة منهما بالذي يناسب ذكره من الغلبين ، فالمراد رحمته في الدنيا .

التالي السابق


الخدمات العلمية