الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 115 ] كتاب صفة النار - أجارنا الله منها - وما فيها من العذاب الأليم

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال الله تعالى : فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين [ البقرة : 24 ] . وقال تعالى : فما أصبرهم على النار [ البقرة : 175 ] وقال تعالى : إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين [ آل عمران : 91 ] وقال تعالى ؟ إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب [ النساء : 56 ] . وقال تعالى : إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا إلا طريق جهنم خالدين فيها أبدا وكان ذلك على الله يسيرا [ النساء : 168 ، 169 ] . وقال تعالى : إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذاب أليم [ المائدة : 36 ، 37 ] . وقال تعالى : قال ادخلوا في أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإنس في النار [ الأعراف : 38 ] . وقال تعالى : [ ص: 116 ] قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون [ التوبة : 81 ] ، وقال تعالى : فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق [ هود : 106 ] . وقال تعالى : مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا [ الإسراء : 97 ] . وقال تعالى : فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رءوسهم الحميم يصهر به ما في بطونهم والجلود ولهم مقامع من حديد الآيات [ الحج : 19 - 21 ] . وقال تعالى : ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون الآيات [ المؤمنون : 103 ، 104 ] . وقال تعالى : وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا الآيات [ الفرقان : 11 ] ، وقال تعالى : وبرزت الجحيم للغاوين الآيات [ الشعراء : 91 ] . وقال تعالى : وأما الذين فسقوا فمأواهم النار الآية [ السجدة : 20 ] . يوم تقلب وجوههم في النار الآية [ الأحزاب : 66 ] وقال تعالى : والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها الآيات [ فاطر : 36 ] قال تعالى : هذه جهنم التي كنتم توعدون اصلوها اليوم بما كنتم تكفرون الآيات [ يس : 63 ، 64 ] . وقال تعالى : احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم الآيات [ الصافات : 22 ، 23 ] . وقال تعالى : هذا وإن للطاغين لشر مآب جهنم يصلونها فبئس المهاد الآيات إلى قوله إن ذلك لحق تخاصم أهل النار [ ص : 55 - 64 ] . وقال تعالى : وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا إلى قوله : فبئس مثوى المتكبرين [ الزمر : 71 ، 72 ] . وقال : وحاق بآل فرعون سوء العذاب النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب [ الآيات إلى قوله تعالى : [ ص: 117 ] ولهم اللعنة ولهم سوء الدار [ غافر : 45 - 52 ] . وقال تعالى : إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون في الحميم ثم في النار يسجرون الآيات [ غافر : 71 ، 72 ] . وقال تعالى : فإن يصبروا فالنار مثوى لهم الآيات إلى قوله تعالى : ليكونا من الأسفلين [ فصلت : 24 - 29 ] . وقال تعالى : إن المجرمين في عذاب جهنم خالدون [ الزخرف : 74 ] . وقال تعالى : خذوه فاعتلوه إلى سواء الجحيم [ الدخان : 147 ] . وقال تعالى : كمن هو خالد في النار وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم [ محمد : 15 ] . وقال تعالى : يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد [ ق : 30 ] . وقال تعالى : يوم يدعون إلى نار جهنم دعا [ الطور : 13 ] ، وقال تعالى : مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير [ الحديد : 15 ] . وقال تعالى : يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد الآية [ التحريم : 6 ] وقال تعالى : يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير [ التحريم : 9 ] وقال تعالى : وللذين كفروا بربهم عذاب جهنم وبئس المصير الآيات [ الملك : 6 ] . وقال تعالى : سأصليه سقر إلى قوله : وما هي إلا ذكرى للبشر [ المدثر : 26 - 31 ] ، وقال تعالى : إن جهنم كانت مرصادا الآيات إلى قوله : فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا [ النبأ : 21 - 30 ] . وقال تعالى : فأنذرتكم نارا تلظى الآيات [ الليل : 14 ] . وقال تعالى : والذين كفروا بآياتنا هم أصحاب المشأمة عليهم نار مؤصدة [ البلد : 19 ، 20 ] . وقال تعالى : ويل لكل همزة لمزة الذي جمع مالا وعدده يحسب أن ماله أخلده كلا لينبذن في الحطمة وما أدراك ما الحطمة نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة [ ص: 118 ] إلى آخر السورة [ الهمزة : 1 - 7 ] .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال ابن المبارك ، عن خالد بن أبي عمران بسنده ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن النار تأكل أهلها ، حتى إذا اطلعت على أفئدتهم انتهت ، ثم يعود كما كان ، ثم تستقبله أيضا ، فتأكله حتى تطلع على فؤاده ، فهو كذلك أبدا ، فذلك قوله : نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة [ الهمزة : 6 ، 7 ] .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد تركنا إيراد آيات كثيرة خوف الإطالة ، وفيما ذكرنا إرشاد لما تركنا ، وبالله المستعان ، وستأتي الأحاديث الواردة في صفة جهنم - أجارنا الله منها آمين - مرتبة على ترتيب حسن ، وبالله التوفيق .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال ابن المبارك : أنبأنا معمر ، عن محمد بن المنكدر ، قال : لما خلقت النار فزعت الملائكة ، وطارت أفئدتها ، فلما خلق آدم سكن ذلك عنهم ، وذهب ما كانوا يجدون .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال ابن المبارك : أنبأنا محمد بن مطرف ، عن الثقة ، أن فتى من الأنصار دخلته خشية من النار ، فكان يبكي عند ذكر النار ، حتى حبسه ذلك في البيت ، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فجاءه في البيت ، فلما دخل نبي الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 119 ] اعتنقه الفتى ، وخر ميتا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " جهزوا صاحبكم ، فإن الفرق من النار فلذ كبده " .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال القرطبي : وروي أن عيسى عليه السلام مر بأربعة آلاف امرأة متغيرات الألوان ، وعليهن مدارع الشعر والصوف ، فقال عيسى : ما الذي غير ألوانكن معاشر النسوة ؟ قلن : ذكر النار غير ألواننا يا ابن مريم ، إن من دخل النار لا يذوق فيها بردا ولا شرابا . ذكره الخرائطي في كتاب " القبور " .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وروي أن سلمان الفارسي لما سمع قوله تعالى : وإن جهنم لموعدهم أجمعين [ الحجر : 43 ] . فر ثلاثة أيام هاربا من الخوف ، لا يعقل ، فجيء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، أنزلت هذه الآية وإن جهنم لموعدهم أجمعين فوالذي بعثك بالحق لقد قطعت قلبي . فأنزل الله تعالى : إن المتقين في جنات وعيون الآية [ الحجر : 45 ] . ذكره الثعلبي .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية