الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وممن توفي فيها من الأعيان : سودي ، نائب حلب ، في رجب ، ودفن بتربته ، وهو الذي أجرى فيها نهرا غرم عليه ثلاثمائة ألف درهم ، وكان مشكور السيرة ، حميد الطريقة ، رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي شعبان توفي الصاحب شرف الدين يعقوب بن مزهر ، وكان بارا بأهله وقرابته ، رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      والشيخ رشيد الدين أبو الفداء إسماعيل بن محمد القرشي الحنفي المعروف بابن المعلم ، كان من أعيان الفقهاء والمفتين ، ولديه علوم شتى ، وفوائد ، [ ص: 140 ] وفرائد ، وعنده زهد وانقطاع عن الناس ، وقد درس بالبلخية مدة ثم تركها لولده ، وسار إلى مصر ، فأقام بها ، وقد عرض عليه قضاء دمشق فلم يقبل ، وقد جاوز التسعين من العمر ، توفي سحر يوم الأربعاء خامس رجب ، ودفن بالقرافة ، رحمه الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي شوال توفي الشيخ سليمان التركماني الموله ، الذي كان يجلس على مصطبة بالعلبيين ، وكان قبل ذلك مقيما بطهارة باب البريد ، وكان لا يتحاشى من النجاسات ولا يتقيها ، ولا يصلي الصلوات ولا يأتيها ، وكان بعض الناس من الهمج له فيه عقيدة ، وهذه قاعدة الهمج الرعاع الذين هم أتباع كل ناعق من المولهين والمجانين ، ويزعمون أنه يكاشف ، وأنه رجل صالح ، ودفن بباب الصغير في يوم كثير الثلج .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي يوم عرفة توفيت الشيخة الصالحة العابدة الناسكة أم زينب فاطمة بنت عباس بن أبي الفتح بن محمد البغدادية ، بظاهر القاهرة ، وشهدها خلق كثير ، وكانت من العالمات الفاضلات ، تأمر بالمعروف ، وتنهى عن المنكر ، وتقوم [ ص: 141 ] على الأحمدية في مؤاخاتهم النساء والمردان ، وتنكر أحوالهم وأحوال أهل البدع وغيرهم ، وتفعل من ذلك ما لا يقدر عليه الرجال ، وقد كانت تحضر مجلس الشيخ تقي الدين ابن تيمية ، فاستفادت منه ذلك وغيره ، وقد سمعت الشيخ تقي الدين يثني عليها ، ويصفها بالفضيلة والعلم ، ويذكر عنها أنها كانت تستحضر كثيرا من " المغني " أو أكثره ، وأنه كان يستعد لها من كثرة مسائلها ، وحسن سؤالاتها ، وسرعة فهمها ، وهي التي ختمت نساء كثيرا القرآن ، منهن أم زوجتي عائشة بنت صديق ، زوجة الشيخ جمال الدين المزي ، وهي التي أقرأت ابنتها زوجتي أمة الرحيم زينب ، رحمهن الله ، وأكرمهن برحمته وجنته ، آمين .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية