الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله : ( إن إبراهيم لأواه حليم ( 114 ) )

قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في " الأواه " .

فقال بعضهم : هو الدعاء .

ذكر من قال ذلك :

17361 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن عاصم ، عن زر عن عبد الله قال : " الأواه " الدعاء .

17362 - حدثنا أبو كريب وابن وكيع قالا : حدثنا أبو بكر ، عن عاصم ، عن زر عن عبد الله قال : " الأواه " الدعاء .

17363 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : حدثني جرير بن حازم ، عن عاصم ابن بهدلة عن زر بن حبيش قال : سألت عبد الله عن " الأواه " فقال : هو الدعاء . [ ص: 524 ] 17364 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا محمد بن بشر ، عن ابن أبي عروبة ، عن عاصم ، عن زر عن عبد الله مثله .

17365 - . . . . . قال : حدثنا قبيصة ، عن سفيان ، عن عبد الكريم عن أبي عبيدة ، عن عبد الله قال : " الأواه " : الدعاء .

17366 - . . . . . قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن عاصم ، عن زر ، عن عبد الله مثله .

17367 - حدثنا أحمد قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا سفيان وإسرائيل عن عاصم ، عن زر ، عن عبد الله مثله .

17368 - حدثني يعقوب بن إبراهيم وابن وكيع قالا : حدثنا ابن علية قال : حدثنا داود بن أبي هند ، قال : نبئت عن عبيد بن عمير قال : " الأواه " : الدعاء .

17369 - حدثني إسحاق بن شاهين قال : حدثنا داود ، عن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي عن أبيه قال : " الأواه " : الدعاء .

وقال آخرون : بل هو الرحيم .

ذكر من قال ذلك :

17370 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن سلمة عن مسلم البطين ، عن أبي العبيدين ، قال : سئل عبد الله عن " الأواه " فقال : الرحيم . [ ص: 525 ] 17371 - حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثني محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة ، عن الحكم قال : سمعت يحيى بن الجزار يحدث ، عن أبي العبيدين رجل ضرير البصر : أنه سأل عبد الله عن " الأواه " فقال : الرحيم .

17372 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا المحاربي وحدثنا خلاد بن أسلم قال : أخبرنا النضر بن شميل جميعا ، عن المسعودي عن سلمة بن كهيل ، عن أبي العبيدين : أنه سأل ابن مسعود ، فقال : ما " الأواه " ؟ قال : الرحيم .

17373 - حدثنا زكريا بن يحيى بن أبي زائدة قال : حدثنا ابن إدريس ، عن الأعمش ، عن الحكم ، [ ص: 526 ] عن يحيى بن الجزار ، عن أبي العبيدين : أنه جاء إلى عبد الله وكان ضرير البصر فقال : يا أبا عبد الرحمن من نسأل إذا لم نسألك ؟ فكأن ابن مسعود رق له ، قال : أخبرني عن " الأواه " قال : الرحيم .

17374 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا وكيع وحدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن سلمة بن كهيل عن مسلم البطين ، عن أبي العبيدين ، قال : سألت عبد الله عن " الأواه " فقال : هو الرحيم .

17375 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن الحكم ، عن يحيى بن الجزار قال : جاء أبو العبيدين إلى عبد الله فقال له : ما حاجتك ؟ قال : ما " الأواه " ؟ قال : الرحيم .

17376 - . . . . . قال : حدثنا ابن إدريس ، عن الأعمش ، عن الحكم ، عن يحيى بن الجزار ، عن أبي العبيدين رجل من بني سواءة ، قال : جاء رجل إلى عبد الله فسأله عن " الأواه " فقال له عبد الله : الرحيم .

17377 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا المحاربي وهانئ بن سعيد ، عن حجاج ، عن الحكم ، عن يحيى بن الجزار ، عن أبي العبيدين ، عن عبد الله قال : " الأواه " الرحيم .

17378 - حدثني يعقوب وابن وكيع قالا : حدثنا ابن علية ، عن شعبة ، عن الحكم ، عن يحيى بن الجزار : أن أبا العبيدين : - رجل من بني نمير قال يعقوب : كان ضرير البصر ، وقال ابن وكيع : كان مكفوف البصر - - سأل ابن مسعود فقال : ما " الأواه " ؟ قال : الرحيم .

17379 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبو أسامة ، عن زكريا عن أبي إسحاق ، عن أبي ميسرة ، قال : " الأواه " الرحيم .

17380 - . . . . . قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن أبي ميسرة مثله .

17381 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن أبي ميسرة مثله .

17382 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا محمد بن بشر ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن قال : هو الرحيم .

17383 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قال : كنا نحدث أن " الأواه " الرحيم .

17384 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : " إن إبراهيم لأواه " قال : رحيم .

قال عبد الكريم الجزري ، عن أبي عبيدة ، عن ابن مسعود مثل ذلك . [ ص: 527 ] 17385 - حدثنا أحمد قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا سفيان ، عن عبد الكريم ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله قال : " الأواه " : الرحيم .

17386 - حدثنا أحمد قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا سفيان ، عن سلمة ، عن مسلم البطين ، عن أبي العبيدين : أنه سأل عبد الله عن " الأواه " فقال الرحيم .

17387 - . . . . . . قال : حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن شرحبيل قال : " الأواه " : الرحيم .

17388 - حدثني الحارث قال : حدثنا عبد العزيز قال : حدثنا مبارك ، عن الحسن ، قال : " الأواه " : الرحيم بعباد الله .

17389 - . . . . . قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا أبو خيثمة زهير قال : حدثنا أبو إسحاق الهمداني ، عن أبي ميسرة ، عن عمرو بن شرحبيل قال : " الأواه " : الرحيم بلحن الحبشة .

وقال آخرون : بل هو الموقن .

ذكر من قال ذلك :

17390 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا وكيع وحدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن قابوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : " الأواه " : الموقن .

17391 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا يحيى بن آدم ، عن ابن مبارك ، عن خالد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : " الأواه " الموقن بلسان الحبشة .

17392 - . . . . . قال : حدثنا حميد بن عبد الرحمن عن حسن ، عن [ ص: 528 ] مسلم ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : " الأواه " الموقن بلسان الحبشة .

17393 - حدثني الحارث قال : حدثنا عبد العزيز ، قال : سمعت سفيان يقول : " الأواه " الموقن . وقال بعضهم : الفقيه الموقن .

17394 - حدثني الحارث قال : حدثنا عبد العزيز قال : حدثنا سفيان ، عن جابر ، عن عطاء ، قال : " الأواه " الموقن بلسان الحبشة .

17395 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا ابن إدريس ، عن أبيه ، عن رجل ، عن عكرمة ، قال : هو الموقن بلسان الحبشة .

17396 - . . . . . قال : حدثنا ابن نمير ، عن الثوري ، عن مجالد ، عن أبي هاشم ، عن مجاهد قال : " الأواه " الموقن .

17397 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا الثوري ، عن مسلم ، عن مجاهد قال : " الأواه " الموقن .

17398 - . . . . قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قابوس ، عن أبي ظبيان ، عن ابن عباس قال : " الأواه " الموقن .

17399 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " أواه " : موقن .

17400 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " أواه " قال : مؤتمن موقن .

17401 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد بن سليمان قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : " إن إبراهيم لأواه حليم " قال : " الأواه " : الموقن .

وقال آخرون : هي كلمة بالحبشة معناها : المؤمن .

ذكر من قال ذلك : [ ص: 529 ] 17402 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : " لأواه حليم " قال : " الأواه " هو المؤمن بالحبشية .

17403 - حدثنا علي بن داود قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي عن ابن عباس قوله : " إن إبراهيم لأواه " يعني : المؤمن التواب .

17404 - حدثنا أحمد قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا حسن بن صالح ، عن مسلم ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : " الأواه " : المؤمن .

17405 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج : " الأواه " المؤمن بالحبشية .

وقال آخرون : هو المسبح الكثير الذكر لله .

ذكر من قال ذلك :

17406 - حدثني المثنى قال : حدثنا الحماني قال : حدثنا شريك ، عن سالم ، عن سعيد قال : " الأواه " : المسبح .

17407 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا المحاربي ، عن حجاج ، عن الحكم ، عن الحسن بن مسلم بن يناق : أن رجلا كان يكثر ذكر الله ويسبح ، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : إنه أواه .

17408 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا يزيد بن حيان ، عن ابن لهيعة ، عن الحارث بن يزيد ، عن علي بن رباح ، عن عقبة بن عامر قال : " الأواه " الكثير الذكر لله .

وقال آخرون : هو الذي يكثر تلاوة القرآن . [ ص: 530 ] ذكر من قال ذلك :

17409 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا ابن يمان قال : حدثنا المنهال بن خليفة ، عن حجاج بن أرطأة ، عن عطاء عن ابن عباس : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دفن ميتا ، فقال : يرحمك الله ، إن كنت لأواها . يعني : تلاء للقرآن .

وقال آخرون : هو من التأوه .

ذكر من قال ذلك :

17410 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة ، عن أبي يونس القشيري ، عن قاص كان بمكة : أن رجلا كان في الطواف ، فجعل يقول : أوه . قال : فشكاه أبو ذر للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : دعه إنه أواه .

17411 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا وكيع وحدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن شعبة ، عن أبي يونس الباهلي قال : سمعت رجلا بمكة كان أصله روميا يحدث عن أبي ذر ، قال : كان رجل يطوف بالبيت ويقول في دعائه : " أوه ، أوه " فذكر للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : إنه أواه . زاد أبو كريب في حديثه : " قال : فخرجت ذات ليلة فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدفن ذلك الرجل ليلا ومعه المصباح " .

17412 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا زيد بن الحباب ، عن جعفر بن سليمان قال : حدثنا عمران عن عبيد الله بن رباح ، عن كعب قال : " الأواه " : [ ص: 531 ] إذا ذكر النار قال : أوه .

17413 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد العمي ، عن أبي عمران الجوني عن عبد الله بن رباح عن كعب قال : كان إذا ذكر النار قال : أوه .

17414 - حدثنا الحسن قال : أخبرنا عبد الرزاق ، عن جعفر بن سليمان قال : أخبرنا أبو عمران قال : سمعت عبد الله بن رباح الأنصاري يقول : سمعت كعبا يقول : " إن إبراهيم لأواه " قال : إذا ذكر النار قال : " أوه من النار " .

وقال آخرون : معناه أنه فقيه .

ذكر من قال ذلك :

17415 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : " إن إبراهيم لأواه " قال : فقيه .

وقال آخرون : هو المتضرع الخاشع .

ذكر من قال ذلك :

17416 - حدثني المثنى قال : حدثنا الحجاج بن المنهال قال : حدثنا عبد الحميد بن بهرام قال : حدثنا شهر بن حوشب ، عن عبد الله بن شداد بن الهاد قال : بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس قال رجل : يا رسول الله ما [ ص: 532 ] " الأواه " قال : المتضرع ، قال : " إن إبراهيم لأواه حليم " .

17417 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الرحمن بن مغراء ، عن عبد الحميد ، عن شهر ، عن عبد الله بن شداد ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الأواه " : الخاشع المتضرع " .

قال أبو جعفر : وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب القول الذي قاله عبد الله بن مسعود الذي رواه عنه زر : أنه الدعاء .

وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب ؛ لأن الله ذكر ذلك ، ووصف به إبراهيم خليله - صلوات الله عليه - بعد وصفه إياه بالدعاء والاستغفار لأبيه ، فقال : " وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه وترك الدعاء والاستغفار له . ثم قال : إن إبراهيم لدعاء لربه ، شاك له ، حليم عمن سبه وناله بالمكروه . وذلك أنه - صلوات الله عليه - وعد أباه بالاستغفار له ، ودعاء الله له بالمغفرة ، عند وعيد أبيه إياه ، وتهدده له بالشتم ، بعدما رد عليه نصيحته في الله وقوله : ( أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا ) فقال له - صلوات الله عليه - ( سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا ) [ مريم : 46 - 48 ] . فوفى لأبيه بالاستغفار له ، حتى تبين له أنه عدو لله ، فوصفه الله بأنه دعاء لربه ، حليم عمن سفه عليه . [ ص: 533 ] وأصله من " التأوه " وهو التضرع والمسألة بالحزن والإشفاق ، كما روى عبد الله بن شداد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وكما روى عقبة بن عامر الخبر الذي حدثنيه : -

17418 - يحيى بن عثمان بن صالح السهمي قال : حدثنا أبي قال : حدثنا ابن لهيعة قال : حدثني الحارث بن يزيد ، عن علي بن رباح ، عن عقبة بن عامر : أنه قال لرجل يقال له " ذو البجادين " : " إنه أواه " ، وذلك أنه رجل كان يكثر ذكر الله بالقرآن والدعاء ، ويرفع صوته . [ ص: 534 ] ولذلك قيل للمتوجع من ألم أو مرض : " لا تتأوه " كما قال المثقب العبدي :


إذا ما قمت أرحلها بليل تأوه آهة الرجل الحزين

ومنه قول الجعدي :


ضروح مروح تتبع الورق بعدما     يعرسن شكوى آهة وتنمرا

[ ص: 535 ] ولا تكاد العرب تنطق منه : " بفعل يفعل " وإنما تقول فيه : " تفعل يتفعل " مثل : " تأوه يتأوه " " وأوه يؤوه " .

كما قال الراجز :


فأوه الراعي وضوضى أكلبه

وقالوا أيضا : " أوه منك " ذكر الفراء أن أبا الجراح أنشده :


فأوه من الذكرى إذا ما ذكرتها     ومن بعد أرض بيننا وسماء

قال : وربما أنشدنا : فأو من الذكرى بغير هاء . ولو جاء " فعل " منه على الأصل لكان : " آه يئوه أوها " .

ولأن معنى ذلك : " توجع ، وتحزن ، وتضرع " اختلف أهل التأويل فيه الاختلاف الذي ذكرت . فقال من قال : معناه " الرحمة " : أن ذلك كان [ ص: 536 ] من إبراهيم على وجه الرقة على أبيه ، والرحمة له ، ولغيره من الناس .

وقال آخرون : إنما كان ذلك منه لصحة يقينه ، وحسن معرفته بعظمة الله ، وتواضعه له .

وقال آخرون : كان لصحة إيمانه بربه .

وقال آخرون : كان ذلك منه عند تلاوته تنزيل الله الذي أنزله عليه .

وقال آخرون : كان ذلك منه عند ذكر ربه .

وكل ذلك عائد إلى ما قلت ، وتقارب معنى بعض ذلك من بعض ؛ لأن الحزين المتضرع إلى ربه ، الخاشع له بقلبه ينوبه ذلك عند مسألته ربه ، ودعائه إياه في حاجاته ، وتعتوره هذه الخلال التي وجه المفسرون إليها تأويل قول الله : " إن إبراهيم لأواه حليم " .

التالي السابق


الخدمات العلمية