الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 2833 ) مسألة ; قال : ( ولا يجوز بيع اللحم بالحيوان ) لا يختلف المذهب أنه لا يجوز بيع اللحم بحيوان من جنسه . وهو مذهب مالك ، والشافعي ، وقول فقهاء المدينة السبعة . وحكي عن مالك ، أنه لا يجوز بيع اللحم بحيوان معد للحم ، ويجوز بغيره .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : يجوز مطلقا ; لأنه باع مال الربا بما لا ربا فيه ، أشبه بيع اللحم بالدراهم ، أو بلحم من غير جنسه . ولنا ، ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم { نهى عن بيع اللحم بالحيوان } . رواه مالك في الموطأ ، عن زيد بن أسلم ، عن سعيد بن المسيب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم . قال ابن عبد البر : هذا أحسن أسانيده . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه { نهى أن يباع حي بميت } . ذكره الإمام أحمد . وروي عن ابن عباس ، أن جزورا نحرت ، فجاء رجل بعناق فقال : أعطوني جزءا بهذا العناق . فقال أبو بكر : لا يصلح هذا . قال الشافعي : لا أعلم مخالفا لأبي بكر في ذلك .

                                                                                                                                            وقال أبو الزناد : وكل من أدركت ينهى عن بيع اللحم بالحيوان . ولأن اللحم نوع فيه الربا بيع بأصله الذي فيه منه ، فلم يجز ، كبيع السمسم بالشيرج . وبهذا فارق ما قاسوا عليه .

                                                                                                                                            وأما بيع اللحم بحيوان من غير جنسه ، فظاهر كلام أحمد والخرقي ، أنه لا يجوز ، فإن أحمد سئل عن بيع الشاة باللحم ، فقال : لا يصح ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم { نهى أن يباع حي بميت } . واختار القاضي جوازه وللشافعي فيه قولان . واحتج من منعه بعموم الأخبار ، وبأن اللحم كله جنس واحد . ومن أجازه قال : مال الربا بيع بغير أصله ولا جنسه ، فجاز ، كما لو باعه بالأثمان . وإن باعه بحيوان غير مأكول اللحم ، جاز ، في ظاهر قول أصحابنا . وهو قول عامة الفقهاء .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية