الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب الله على من يشاء والله عليم حكيم ( 15 ) )

قال أبو جعفر : يقول الله تعالى ذكره : ويذهب وجد قلوب هؤلاء القوم المؤمنين من خزاعة ، على هؤلاء القوم الذين نكثوا أيمانهم من المشركين ، وغمها وكربها بما فيها من الوجد عليهم ، بمعونتهم بكرا عليهم ، كما : -

16546 - حدثني ابن وكيع قال : حدثنا عمرو بن محمد العنقزي ، عن أسباط ، عن السدي : ( ويذهب غيظ قلوبهم ) ، حين قتلهم بنو بكر ، وأعانتهم قريش . [ ص: 162 ]

16547 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي ، مثله إلا أنه قال : وأعانتهم عليهم قريش .

وأما قوله : ( ويتوب الله على من يشاء ) ، فإنه خبر مبتدأ ، ولذلك رفع ، وجزم الأحرف الثلاثة قبل ذلك على وجه المجازاة ، كأنه قال : قاتلوهم ، فإنكم إن تقاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ، ويخزهم ، وينصركم عليهم ثم ابتدأ فقال : ( ويتوب الله على من يشاء ) ، لأن القتال غير موجب لهم التوبة من الله ، وهو موجب لهم العذاب من الله ، والخزي ، وشفاء صدور المؤمنين ، وذهاب غيظ قلوبهم ، فجزم ذلك شرطا وجزاء على القتال ، ولم يكن موجبا القتال التوبة ، فابتدئ الخبر به ورفع .

ومعنى الكلام : ويمن الله على من يشاء من عباده الكافرين ، فيقبل به إلى التوبة بتوفيقه إياه ( والله عليم ) ، بسرائر عباده ، ومن هو للتوبة أهل فيتوب عليه ، ومن منهم غير أهل لها فيخذله ( حكيم ) ، في تصريف عباده من حال كفر إلى حال إيمان بتوفيقه من وفقه لذلك ، ومن حال إيمان إلى كفر ، بخذلانه من خذل منهم عن طاعته وتوحيده ، وغير ذلك من أمرهم . [ ص: 163 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية