الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            قال ( 2803 ) مسألة : ( وما كان من جنسين فجائز التفاضل فيه يدا بيد ، ولا يجوز نسيئة ) لا خلاف في جواز التفاضل في الجنسين نعلمه ، إلا عن سعيد بن جبير أنه قال : ما يتقارب الانتفاع بهما لا يجوز التفاضل فيهما .

                                                                                                                                            وهذا يرده قول النبي صلى الله عليه وسلم : { بيعوا الذهب بالفضة كيف شئتم يدا بيد ، وبيعوا البر بالتمر كيف شئتم يدا بيد ، وبيعوا الشعير بالتمر كيف شئتم يدا بيد } . وفي لفظ : { إذا اختلفت هذه الأشياء فبيعوا [ ص: 30 ] كيف شئتم إذا كان يدا بيد } . رواه مسلم ، وأبو داود . ولأنهما جنسان ، فجاز التفاضل فيهما ، كما لو تباعدت منافعهما . ولا خلاف في إباحة التفاضل في الذهب بالفضة ، مع تقارب منافعهما .

                                                                                                                                            فأما النساء ; فكل جنسين يجري فيهما الربا بعلة واحدة ، كالمكيل بالمكيل ، والموزون بالموزون ، والمطعوم بالمطعوم ، عند من يعلل به ، فإنه يحرم بيع أحدهما بالأخر نساء ، بغير خلاف نعلمه ; وذلك لقوله عليه السلام : { فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم يدا بيد } . وفي لفظ : { لا بأس ببيع الذهب بالفضة والفضة أكثرهما يدا بيد ، وأما نسيئة فلا ، ولا بأس ببيع البر بالشعير والشعير أكثرهما يدا بيد ، وأما النسيئة فلا } . رواه أبو داود .

                                                                                                                                            إلا أن يكون أحد العوضين ثمنا ، والآخر مثمنا ، فإنه يجوز النساء بينهما بغير خلاف ; لأن الشرع أرخص في السلم ، والأصل في رأس المال الدراهم والدنانير ، فلو حرم النساء هاهنا لانسد باب السلم في الموزونات في الغالب .

                                                                                                                                            فأما إن اختلفت علتهما كالمكيل بالموزون ، مثل بيع اللحم بالبر ، ففيهما روايتان ; إحداهما ، يحرم النساء فيهما ، وهو الذي ذكره الخرقي هاهنا ; لأنهما مالان من أموال الربا ، فحرم النساء فيهما ، كالمكيل بالمكيل . والثانية ، يجوز النساء فيهما . وهو قول النخعي ; لأنهما لم يجتمعا في أحد وصفي علة ربا الفضل ، فجاز النساء فيهما ، كالثياب بالحيوان .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية