الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ خلب ]

                                                          خلب : الخلب : الظفر عامة ، وجمعه أخلاب ، لا يكسر على غير ذلك . وخلبه بظفره يخلبه خلبا : جرحه ، وقيل : خدشه . وخلبه يخلبه ، ويخلبه خلبا : قطعه وشقه . والمخلب : ظفر السبع من الماشي والطائر ; وقيل : المخلب لما يصيد من الطير ، والظفر لما لا يصيد . التهذيب : ولكل طائر من الجوارح مخلب ، ولكل سبع مخلب ، وهو أظافيره . الجوهري : والمخلب للطائر والسباع ، بمنزلة الظفر للإنسان . وخلب الفريسة ، يخلبها ويخلبها خلبا : أخذها بمخلبه . الليث : الخلب مزق الجلد بالناب ; والسبع يخلب الفريسة إذا شق جلدها بنابه ، أو فعله الجارحة بمخلبه . قال : وسمعت أهل البحرين يقولون للحديدة المعقفة ، التي لا أشر لها ، ولا أسنان : المخلب ; قال وأنشدني أعرابي من بني سعد :


                                                          دب لها أسود كالسرحان بمخذم ، يختذم الإهان



                                                          والمخلب : المنجل الساذج الذي لا أسنان له ; وقيل : المخلب المنجل عامة . وخلب به يخلب : عمل وقطع . وخلبت النبات ، أخلبه خلبا ، واستخلبته إذا قطعته . وفي الحديث : نستخلب الخبير ; أي : نقطع النبات ، ونحصده ونأكله . وخلبته الحية تخلبه خلبا : عضته . والخلابة : المخادعة ، وقيل : الخديعة باللسان . وفي حديث النبي [ ص: 120 ] - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لرجل كان يخدع في بيعه : إذا بايعت فقل لا خلابة ; أي : لا خداع ; وفي رواية لا خيابة . قال ابن الأثير : كأنها لثغة من الراوي ، أبدل اللام ياء . وفي الحديث : أن بيع المحفلات خلابة ، ولا تحل خلابة مسلم . والمحفلات : التي جمع لبنها في ضرعها . وخلبه يخلبه خلبا وخلابة : خدعه . وخالبه واختلبه : خادعه ; قال أبو صخر :


                                                          فلا ما مضى يثنى ، ولا الشيب يشترى     فأصفق ، عند السوم ، بيع المخالب



                                                          وهي الخليبى ، ورجل خالب وخلاب ، وخلبوت ، وخلبوب ، الأخيرة عن كراع : خداع كذاب ; قال الشاعر :


                                                          ملكتم ؛ فلما أن ملكتم خلبتم     وشر الملوك الغادر الخلبوت



                                                          جاء على فعلوت ، مثل رهبوت ; وامرأة خلبوت ، على مثال جبروت ، هذه عن اللحياني . وفي المثل : إذا لم تغلب فاخلب ، بالكسر . وحكي عن الأصمعي : فاخلب أي اخدعه حتى تذهب بقلبه ; من قاله بالضم ، فمعناه : فاخدع ; ومن قال : فاخلب ، فمعناه : فانتش قليلا شيئا يسيرا بعد شيء ، كأنه أخذ من مخلب الجارحة . قال ابن الأثير : معناه إذا أعياك الأمر مغالبة ، فاطلبه مخادعة . وخلب المرأة عقلها يخلبها خلبا : سلبها إياه ، وخلبت هي قلبه تخلبه خلبا ، واختلبته : أخذته . وذهبت به . الليث : الخلابة أن تخلب المرأة قلب الرجل بألطف القول وأخلبه ، وامرأة خلابة للفؤاد ، وخلوب . والخلباء من النساء : الخدوع . وامرأة خالبة وخلوب وخلابة : خداعة ، وكذلك الخلبة ; قال النمر :


                                                          أودى الشباب ، وحب الخالة الخلبه     وقد برئت ، فما بالقلب من قلبه



                                                          ويروى الخلبة ، بفتح اللام ، على أنه جمع ، وهم الذين يخدعون النساء . وفلان خلب نساء إذا كان يخالبهن أي : يخادعهن . وفلان حدث نساء ، وزير نساء إذا كان يحادثهن ، ويزاورهن . وامرأة خالة أي : مختالة . وقوم خالة : مختالون ، مثل باعة ، من البيع . والبرق الخلب : الذي لا غيث فيه ، كأنه خادع يومض ، حتى تطمع بمطره ، ثم يخلفك . ويقال : برق الخلب ، وبرق خلب ، فيضافان ; ومنه قيل لمن يعد ولا ينجز وعده : إنما أنت كبرق خلب . ويقال : إنه كبرق خلب ، وبرق خلب ، وهو السحاب الذي يبرق ويرعد ، ولا مطر معه . والخلب أيضا : السحاب الذي لا مطر فيه . وفي حديث الاستسقاء : اللهم سقيا غير خلب برقها ; أي : خال عن المطر . ابن الأثير : الخلب : السحاب يومض برقه ، حتى يرجى مطره ، ثم يخلف ويتقشع ، وكأنه من الخلابة ، وهي الخداع بالقول اللطيف ; ومنه حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - : كان أسرع من برق الخلب ; وإنما خصه بالسرعة لخفته لخلوه من المطر . ورجل خلب نساء : يحبهن للحديث والفجور ، ويحببنه لذلك . وهم أخلاب نساء ، وخلباء نساء ، الأخيرة نادرة . قال ابن سيده : وعندي أن خلباء جمع خالب . والخلب ، بالكسر : حجاب القلب ، وقيل : هي لحيمة رقيقة ، تصل بين الأضلاع ; وقيل : هو حجاب ما بين القلب والكبد ، حكاه ابن الأعرابي ، وبه فسر قول الشاعر :


                                                          يا هند ! هند بين خلب وكبد



                                                          ومنه قيل للرجل الذي يحبه النساء : إنه لخلب نساء أي : يحبه النساء ; وقيل : الخلب حجاب بين القلب وسواد البطن ; وقيل : هو شيء أبيض ، رقيق ، لازق بالكبد ; وقيل : الخلب زيادة الكبد ، والخلب الكبد ، في بعض اللغات ; وقيل : الخلب عظيم ، مثل ظفر الإنسان ، لاصق بناحية الحجاب ، مما يلي الكبد ; وهي تلي الكبد والحجاب ، والكبد ملتزقة بجانب الحجاب . والخلب : لب النخلة ، وقيل : قلبها . والخلب ، مثقلا ومخففا : الليف ، واحدته خلبة . والخلب : حبل الليف والقطن إذا رق وصلب . الليث : الخلب حبل دقيق ، صلب الفتل ، من ليف أو قنب ، أو شيء صلب ; قال الشاعر :


                                                          كالمسد اللدن ، أمر خلبه



                                                          ابن الأعرابي : الخلبة الحلقة من الليف ، والليفة خلبة وخلبة ; وقال :


                                                          كأن وريداه رشاءا خلب



                                                          ويروى وريديه ، على إعمال كأن ، وترك الإضمار . وفي الحديث : أتاه رجل وهو يخطب ، فنزل إليه وقعد على كرسي خلب ، قوائمه من حديد ; الخلب : الليف ; ومنه الحديث : وأما موسى فجعد آدم على جمل أحمر ، مخطوم بخلبة . وقد يسمى الحبل نفسه : خلبة ; ومنه الحديث : بليف خلبة ، على البدل ; وفيه : أنه كان له وسادة حشوها خلب . والخلب والخلب : الطين الصلب اللازب ; وقيل : الأسود ; وقيل : طين الحمأة ; وقيل : هو الطين عامة . ابن الأعرابي : قال رجل من العرب لطباخه : خلب ميفاك ، حتى ينضج الرودق ; قال : خلب أي : طين ، ويقال للطين خلب . قال والميفى : طبق التنور ، والرودق : الشواء . وماء مخلب أي : ذو خلب ، وقد أخلب . قال تبع ، أو غيره :


                                                          فرأى مغيب الشمس ، عند مآبها     في عين ذي خلب وثأط حرمد



                                                          الليث : الخلب ورق الكرم العريض ونحوه . وفي حديث ابن عباس ، وقد حاجه عمر في قوله تعالى : تغرب في عين حمئة ، فقال عمر : حامية ، فأنشد ابن عباس بيت تبع :


                                                          في عين ذي خلب



                                                          الخلب : الطين والحمأة . وامرأة خلباء وخلبن : خرقاء ، والنون زائدة للإلحاق ، وليست بأصلية . وفي الصحاح : الخلبن الحمقاء ; قال ابن السكيت : وليس من الخلابة ; قال رؤبة يصف النوق :


                                                          وخلطت كل دلاث علجن     تخليط خرقاء اليدين ، خلبن



                                                          ورواه أبو الهيثم : خلباء اليدين ، وهي الخرقاء ، وقد خلبت خلبا ، والخلبن المهزولة منه . والخلب : الوشي . والمخلب : الكثير الوشي من الثياب . وثوب مخلب : كثير الوشي ; قال لبيد :


                                                          وغيث بدكداك ، يزين وهاده     نبات ، كوشي العبقري المخلب



                                                          [ ص: 121 ] أي : الكثير الألوان . وأورد الجوهري هذا البيت : وغيث ، برفع الثاء ; قال ابن بري : والصواب خفضها لأن قبله :


                                                          وكائن رأينا من ملوك وسوقة     وصاحبت من وفد كرام وموكب



                                                          قال : الدكداك ما انخفض من الأرض ، وكذلك الوهاد ، جمع وهدة ; شبه زهر النبات بوشي العبقري .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية