الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 336 ] قل أفأنبئكم بشر من ذلكم النار وعدها الله الذين كفروا وبئس المصير

استئناف ابتدائي يفيد زيادة إغاظتهم بأن أمر الله النبيء - صلى الله عليه وسلم - أن يتلو عليهم ما يفيد أنهم صائرون إلى النار .

والتفريع بالفاء ناشئ من ظهور أثر المنكر على وجوههم فجعل دلالة ملامحهم بمنزلة دلالة الألفاظ . ففرع عليها ما هو جواب عن كلام فيزيدهم غيظا ، ويجوز كون التفريع على التلاوة المأخوذة من قوله وإذا تتلى عليهم آياتنا أي اتل عليهم الآيات المنذرة والمبينة لكفرهم ، وفرع عليها وعيدهم بالنار .

والاستفهام مستعمل في الاستئذان ، وهو استئذان تهكمي لأنه قد نبأهم بذلك دون أن ينتظر جوابهم .

و " شر " : اسم تفضيل ، أصله أشر . كثر حذف الهمزة تخفيفا ، كما حذفت في خير بمعنى أخير . والإشارة بـ ( ذلكم ) إلى ما أثار نكرهم وحفيظتهم ، أي بما هو أشد شرا عليكم في نفوسكم مما سمعتموه فأغضبكم ، أي فإن كنتم غاضبين لما تلي عليكم من الآيات فازدادوا غضبا بهذا الذي أنبئكم به . وقوله ( النار ) خبر مبتدأ محذوف دل عليه قوله بشر من ذلكم . والتقدير : شر من ذلكم النار . [ ص: 337 ] فالجملة استئناف بياني ، أي إن سألتم عن الذي هو أشد شرا فاعلموا أنه النار .

وجملة ( وعدها الله ) حال من النار ، أو هي استئناف . والتعبير عنهم بقوله ( الذين كفروا ) إظهار في مقام الإضمار ، أي وعدها الله إياكم لكفركم .

( وبئس المصير ) أي بئس مصيرهم هي ، فحرف التعريف عوض عن المضاف إليه ، فتكون الجملة إنشاء ذم معطوفة على جملة الحال على تقدير القول . ويجوز أن يكون التعريف للجنس فيفيد العموم ، أي بئس المصير هي لمن صار إليها ، فتكون الجملة تذييلا لما فيها من عموم الحكم للمخاطبين وغيرهم وتكون الواو اعتراضية تذييلية .

التالي السابق


الخدمات العلمية