الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( فصل ) ( الأمر ) في حالة كونه ( مجردا عن قرينة ) ( حقيقة في الوجوب ) عند جمهور العلماء من أرباب المذاهب الأربعة ( شرعا ) أي باقتضاء وضع الشرع . [ ص: 328 ] اختاره أبو المعالي الجويني وابن حمدان من أصحابنا ، وهو أحد الأقوال الثلاثة في المسألة . والثاني - واختاره أبو إسحاق الشيرازي ، ونقله أبو المعالي عن الشافعي - أنه باقتضاء وضع اللغة . والقول الثالث - واختاره بعضهم - أنه باقتضاء الفعل .

واستدل للأول بقوله تعالى { فليحذر الذين يخالفون عن أمره } وبقوله تعالى { وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون } ذمهم وذم إبليس على مخالفة الأمر المجرد . لأن السيد لا يلام على عقاب عبده على مخالفة مجرد أمره باتفاق العقلاء ، ودعوى قرينة الوجوب واقتضاء تلك اللغة لغة له دون هذه : غير مسموعة .

وقيل : إن الأمر المجرد عن قرينة حقيقة في الندب . ونقله الغزالي والآمدي عن الشافعي . ونقله أبو حامد عن المعتزلة بأسرها . وروي عن أحمد أنه قال : ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أسهل مما نهى عنه . فقال جماعة من الأصحاب : لعله لأن الجماعة قالوا : الأمر للندب ، ولا تكرار . والنهي للتحريم والدوام ، لئلا يخالف نصوصه .

وأما أبو الخطاب : فإنه أخذ من النص أنه للندب . ووجه هذا القول : أنا نحمل الأمر المطلق على مطلق الرجحان ، ونفيا للعقاب بالاستصحاب ، ولأنه اليقين ، ولأن المندوب مأمور به حقيقة . وقيل : إن الأمر المجرد عن قرينة حقيقة في القدر المشترك بين الوجوب والندب ، وهو الطلب . فيكون من المتواطئ .

اختاره الماتريدي من الحنفية ، لكن قال : يحكم بالوجوب ظاهرا في حق العمل احتياطا دون الاعتقاد . واستدل لكونه مشتركا بأن الشارع أطلق . والأصل الحقيقة ، ويحسن الاستفهام . والتقييد أفعل واجبا أو ندبا . رد خلاف الأصل .

ومنع أصحابنا وغيرهم أنه لا يحسن الاستفهام . وفي المسألة اثنا عشر قولا غير هذه الثلاثة أضربنا عن ذكرها خشية الإطالة وذكر في القواعد الأصولية خمسة عشر قولا

التالي السابق


الخدمات العلمية