الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطا أمما )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : فرقناهم يعني قوم موسى من بني إسرائيل ، فرقهم الله فجعلهم قبائل شتى ، اثنتي عشرة قبيلة .

وقد بينا معنى "الأسباط" ، فيما مضى ، ومن هم .

واختلف أهل العربية في وجه تأنيث "الاثنتي عشرة" ، و"الأسباط" جمع مذكر . فقال بعض نحويي البصرة : أراد اثنتي عشرة فرقة ، ثم أخبر أن الفرق "أسباط" ، ولم يجعل العدد على "أسباط" .

وكان بعضهم يستخل هذا التأويل ويقول لا يخرج العدد على غير [ ص: 175 ] التالي ، ولكن "الفرق" قبل "الاثنتي عشرة" ، حتى تكون "الاثنتا عشرة" مؤنثة على ما قبلها ، ويكون الكلام : وقطعناهم فرقا اثنتي عشرة أسباطا فيصح التأنيث لما تقدم .

وقال بعض نحويي الكوفة : إنما قال "الاثنتي عشرة" بالتأنيث ، و"السبط" مذكر ، لأن الكلام ذهب إلى "الأمم" ، فغلب التأنيث ، وإن كان "السبط" ذكرا ، وهو مثل قول الشاعر :

وإن كلابا هذه عشر أبطن وأنت بريء من قبائلها العشر



ذهب ب"البطن" إلى القبيلة والفصيلة ، فلذلك جمع "البطن" بالتأنيث .

وكان آخرون من نحويي الكوفة يقولون : إنما أنثت "الاثنتا عشرة" ، و "السبط" ذكر ، لذكر "الأمم" .

قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك عندي أن "الاثنتي عشرة" أنثت لتأنيث "القطعة" ، ومعنى الكلام : وقطعناهم قطعا اثنتي عشرة ثم ترجم عن "القطع" ب"الأسباط" ، وغير جائز أن تكون "الأسباط" مفسرة [ ص: 176 ] عن "الاثنتي عشرة" وهي جمع ، لأن التفسير فيما فوق "العشر" إلى "العشرين" بالتوحيد لا بالجمع ، و"الأسباط" جمع لا واحد ، وذلك كقولهم : "عندي اثنتا عشرة امرأة" . ولا يقال : "عندي اثنتا عشرة نسوة" ، فبين ذلك أن "الأسباط" ليست بتفسير للاثنتي عشرة ، وأن القول في ذلك على ما قلنا .

وأما "الأمم" ، فالجماعات و"السبط" في بني إسرائيل نحو "القرن" .

وقيل : إنما فرقوا أسباطا لاختلافهم في دينهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية