الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه قال ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين ( 150 ) )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : وألقى موسى الألواح .

ثم اختلف أهل العلم في سبب إلقائه إياها .

فقال بعضهم : ألقاها غضبا على قومه الذين عبدوا العجل .

ذكر من قال ذلك :

15128 - حدثنا تميم بن المنتصر قال ، أخبرنا يزيد قال ، أخبرنا الأصبغ بن زيد ، عن القاسم بن أبي أيوب قال ، حدثني سعيد بن جبير قال ، قال ابن عباس : لما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا ، فأخذ برأس أخيه يجره إليه ، وألقى الألواح من الغضب .

15129 - وحدثني عبد الكريم قال ، حدثنا إبراهيم بن بشار قال ، حدثنا ابن عيينة قال ، قال أبو سعد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : لما رجع [ ص: 123 ] موسى إلى قومه ، وكان قريبا منهم ، سمع أصواتهم ، فقال : إني لأسمع أصوات قوم لاهين : فلما عاينهم وقد عكفوا على العجل ، ألقى الألواح فكسرها ، وأخذ برأس أخيه يجره إليه .

15130 - حدثنا موسى قال ، حدثنا عمرو قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي قال : أخذ موسى الألواح ، ثم رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا ، فقال : ( يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا ) ، إلى قوله : فكذلك ألقى السامري [ سورة طه : 86 - 87 ] ، فألقى موسى الألواح ، وأخذ برأس أخيه يجره إليه ( قال يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي ) [ سورة طه : 94 ] .

15131 - حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال : لما انتهى موسى إلى قومه فرأى ما هم عليه من عبادة العجل ، ألقى الألواح من يده ، ثم أخذ برأس أخيه ولحيته ، ويقول : ( ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعني أفعصيت أمري ) [ سورة طه : 92 ، 93 ] .

وقال آخرون : إنما ألقى موسى الألواح لفضائل أصابها فيها لغير قومه ، فاشتد ذلك عليه .

ذكر من قال ذلك :

15132 - حدثنا بشر بن معاذ قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : " أخذ الألواح " ، قال : رب ، إني أجد في الألواح أمة خير أمة أخرجت للناس ، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، فاجعلهم أمتي! قال : تلك أمة أحمد ! قال : رب إني أجد في الألواح أمة هم الآخرون أي آخرون في الخلق السابقون في دخول الجنة ، رب اجعلهم أمتي! قال : تلك أمة أحمد ! [ ص: 124 ] قال : رب إني أجد في الألواح أمة ، أناجيلهم في صدورهم يقرأونها ، وكان من قبلهم يقرأون كتابهم نظرا ، حتى إذا رفعوها لم يحفظوا شيئا ، ولم يعرفوه . قال قتادة : وإن الله أعطاكم أيتها الأمة من الحفظ شيئا لم يعطه أحدا من الأمم قال : رب اجعلهم أمتي! قال : تلك أمة أحمد ! قال : رب إني أجد في الألواح أمة يؤمنون بالكتاب الأول وبالكتاب الآخر ، ويقاتلون فضول الضلالة ، حتى يقاتلوا الأعور الكذاب ، فاجعلهم أمتي! قال : تلك أمة أحمد ! قال : رب إني أجد في الألواح أمة صدقاتهم يأكلونها في بطونهم ، ثم يؤجرون عليها وكان من قبلهم من الأمم إذا تصدق بصدقة فقبلت منه ، بعث الله عليها نارا فأكلتها ، وإن ردت عليه تركت تأكلها الطير والسباع . قال : وإن الله أخذ صدقاتكم من غنيكم لفقيركم قال : رب اجعلهم أمتي! قال : تلك أمة أحمد ! قال : رب إني أجد في الألواح أمة إذا هم أحدهم بحسنة ثم لم يعملها كتبت له حسنة ، فإن عملها كتبت له عشر أمثالها إلى سبعمائة ، رب اجعلهم أمتي! قال : تلك أمة أحمد ! قال : رب إني أجد في الألواح أمة إذا هم أحدهم بسيئة لم تكتب عليه حتى يعملها ، فإذا عملها كتبت عليه سيئة واحدة ، فاجعلهم أمتي! قال : تلك أمة أحمد ! قال : رب إني أجد في الألواح أمة هم المستجيبون والمستجاب لهم ، فاجعلهم أمتي! قال : تلك أمة أحمد ، قال : رب إني أجد في الألواح أمة هم المشفعون والمشفوع لهم ، فاجعلهم أمتي! قال : تلك أمة أحمد ! قال : وذكر لنا أن نبي الله موسى عليه السلام نبذ الألواح وقال : اللهم اجعلني من أمة أحمد ! قال : فأعطي نبي الله موسى عليه السلام ثنتين لم يعطهما نبي ، قال الله : ( يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي ) ، [ سورة الأعراف : 143 ] . قال : فرضي نبي الله . ثم أعطي الثانية : ( ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون ) [ سورة الأعراف : 159 ] ، قال : فرضي نبي الله صلى الله عليه وسلم كل الرضى . [ ص: 125 ]

15133 - حدثني محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة قال : لما أخذ موسى الألواح قال : يا رب ، إني أجد في الألواح أمة هم خير الأمم ، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، فاجعلهم أمتي! قال : تلك أمة أحمد ! قال : يا رب ، إني أجد في الألواح أمة هم الآخرون السابقون يوم القيامة ، فاجعلهم أمتي! قال : تلك أمة أحمد ، ثم ذكر نحو حديث بشر بن معاذ إلا أنه قال في حديثه : فألقى موسى عليه السلام الألواح ، وقال : اللهم اجعلني من أمة محمد صلى الله عليهما .

قال أبو جعفر : والذي هو أولى بالصواب من القول في ذلك ، أن يكون سبب إلقاء موسى الألواح كان من أجل غضبه على قومه لعبادتهم العجل ، لأن الله جل ثناؤه بذلك أخبر في كتابه فقال : " ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال بئسما خلفتموني من بعدي أعجلتم أمر ربكم وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه " .

وذكر أن الله لما كتب لموسى عليه السلام في الألواح التوراة ، أدناه منه حتى سمع صريف القلم .

ذكر من قال ذلك :

15134 - حدثني الحارث قال ، حدثنا عبد العزيز قال ، حدثنا إسرائيل ، عن السدي ، عن أبي عمارة ، عن علي عليه السلام قال : كتب الله الألواح لموسى عليه السلام ، وهو يسمع صريف الأقلام في الألواح .

15135 - . . . . قال حدثنا إسرائيل ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد [ ص: 126 ] بن جبير قال : أدناه حتى سمع صريف الأقلام .

وقيل : إن التوراة كانت سبعة أسباع ، فلما ألقى موسى الألواح تكسرت ، فرفع منها ستة أسباعها ، وكان فيما رفع "تفصيل كل شيء" ، الذي قال الله : " وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء " وبقي الهدى والرحمة في السبع الباقي ، وهو الذي قال الله : ( أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون ) ، [ سورة الأعراف : 154 ] .

وكانت التوراة فيما ذكر سبعين وقر بعير ، يقرأ منها الجزء في سنة ، كما : -

15136 - حدثني المثنى قال ، حدثنا محمد بن خالد المكفوف قال ، حدثنا عبد الرحمن ، عن أبي جعفر ، عن الربيع بن أنس قال : أنزلت التوراة وهي سبعون وقر بعير ، يقرأ منها الجزء في سنة ، لم يقرأها إلا أربعة نفر : موسى بن عمران ، وعيسى ، وعزير ، ويوشع بن نون ، صلوات الله عليهم .

واختلفوا في "الألواح" .

فقال بعضهم : كانت من زمرد أخضر .

وقال بعضهم : كانت من ياقوت .

وقال بعضهم : كانت من برد .

ذكر الرواية بما ذكرنا من ذلك .

15137 - حدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي قال ، حدثنا حجاج بن محمد ، [ ص: 127 ] عن ابن جريج قال ، أخبرني يعلى بن مسلم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : ألقى موسى الألواح فتكسرت ، فرفعت إلا سدسها قال ابن جريج : وأخبرني أن الألواح من زبرجد وزمرد من الجنة .

15138 - وحدثني موسى بن سهل الرملي ، وعلي بن داود ، وعبد الله بن أحمد بن شبويه ، وأحمد بن الحسن الترمذي قالوا ، أخبرنا آدم العسقلاني قال ، حدثنا أبو جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية قال : كانت ألواح موسى عليه السلام من برد .

15139 - حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا حكام ، عن أبي الجنيد ، عن جعفر بن أبي المغيرة قال : سألت سعيد بن جبير عن الألواح ، من أي شيء كانت؟ قال : كانت من ياقوتة ، كتابة الذهب ، كتبها الرحمن بيده ، فسمع أهل السماوات صريف القلم وهو يكتبها .

15140 - حدثني الحارث قال ، حدثنا القاسم قال ، حدثنا عبد الرحمن ، عن محمد بن أبي الوضاح ، عن خصيف ، عن مجاهد أو سعيد بن جبير قال : كانت الألواح زمردا ، فلما ألقى موسى الألواح بقي الهدى والرحمة ، وذهب التفصيل .

15141 - قال ، حدثنا القاسم قال ، حدثنا الأشجعي ، عن محمد بن مسلم ، عن خصيف ، عن مجاهد قال : كانت الألواح من زمرد أخضر .

وزعم بعضهم : أن الألواح كانت لوحين . فإن كان الذي قال كما قال ، فإنه قيل : " وكتبنا له في الألواح " ، وهما لوحان ، كما قيل : ( فإن كان له إخوة ) [ سورة النساء : 11 ] ، وهما أخوان . [ ص: 128 ] أما قوله : " وأخذ برأس أخيه يجره إليه " ، فإن ذلك من فعل نبي الله صلى الله عليه وسلم كان لموجدته على أخيه هارون في تركه اتباعه ، وإقامته مع بني إسرائيل في الموضع الذي تركهم فيه ، كما قال جل ثناؤه مخبرا عن قيل موسى عليه السلام له : ( ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعني أفعصيت أمري ) ؟ [ سورة طه : 92 ، 93 ] ، حين أخبره هارون بعذره فقبل عذره ، وذلك قيله لموسى : ( لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي ) ، [ سورة طه : 94 ] ، وقال يا ابن أم : " إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء " ، الآية :

واختلفت القرأة في قراءة قوله : " يا ابن أم " .

فقرأ ذلك عامة قرأة المدينة وبعض أهل البصرة : ( يا ابن أم ) بفتح "الميم" من "الأم" .

وقرأ ذلك عامة قرأة أهل الكوفة : ( يا ابن أم ) بكسر "الميم" من الأم .

واختلف أهل العربية في فتح ذلك وكسره ، مع إجماع جميعهم على أنهما لغتان مستعملتان في العرب .

فقال بعض نحويي البصرة : قيل ذلك بالفتح ، على أنهما اسمان جعلا اسما واحدا ، كما قيل : "يا ابن عم" ، وقال : هذا شاذ لا يقاس عليه .

وقال : من قرأ ذلك : " يا ابن أم " ، فهو على لغة الذين يقولون : "هذا غلام قد جاء؟" ، جعله اسما واحدا آخره مكسور ، مثل قوله : "خاز باز" . [ ص: 129 ]

وقال بعض نحويي الكوفة : قيل : " يا ابن أم " و "يا ابن عم" ، فنصب كما ينصب المعرب في بعض الحالات ، فيقال : "يا حسرتا" ، "يا ويلتا" . قال : فكأنهم قالوا : "يا أماه" ، و"يا عماه" ، ولم يقولوا ذلك في "أخ" ، ولو قيل ذلك لكان صوابا . قال : والذين خفضوا ذلك ، فإنه كثر في كلامهم حتى حذفوا الياء . قال : ولا تكاد العرب تحذف "الياء" إلا من الاسم المنادى يضيفه المنادي إلى نفسه ، إلا قولهم : "يا ابن أم" و"يا ابن عم" ، وذلك أنهما يكثر استعمالهما في كلامهم ، فإذا جاء ما لا يستعمل أثبتوا "الياء" فقالوا : "يا ابن أبي" و"يا ابن أختي ، وأخي" ، و"يا ابن خالتي" ، و"يا ابن خالي" .

قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك أن يقال : إذا فتحت "الميم" من "ابن أم" ، فمراد به الندبة : يا ابن أماه ، وكذلك من "ابن عم" . فإذا كسرت فمراد به الإضافة ، ثم حذفت "الياء" التي هي كناية اسم المخبر عن نفسه . وكأن بعض من أنكر تشبيه كسر ذلك إذا كسر ككسر الزاي من "خاز باز" ، لأن "خاز باز" لا يعرف الثاني إلا بالأول ، ولا الأول إلا بالثاني ، فصار كالأصوات .

وحكي عن يونس الجرمي تأنيث "أم" وتأنيث "عم" ، وقال : لا يجعل اسما واحدا إلا مع "ابن" المذكر . قالوا : وأما اللغة الجيدة والقياس الصحيح ، فلغة من قال : "يا ابن أمي" بإثبات "الياء" ، كما قال أبو زبيد :


يا ابن أمي ، ويا شقيق نفسي أنت خلفتني لدهر شديد

[ ص: 130 ]

وكما قال الآخر :


يا ابن أمي! ولو شهدتك إذ تد     عو تميما وأنت غير مجاب

[ ص: 131 ] وإنما أثبت هؤلاء الياء في "الأم" ، لأنها غير مناداة ، وإنما المنادى هو "الابن" دونها . وإنما تسقط العرب "الياء" من المنادى إذا أضافته إلى نفسها ، لا إذا أضافته إلى غير نفسها ، كما قد بينا .

وقيل : إن هارون إنما قال لموسى عليه السلام : "يا ابن أم" ، ولم يقل : "يا ابن أبي" ، وهما لأب واحد وأم واحدة ، استعطافا له على نفسه برحم الأم .

وقوله : " إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني " ، يعني بالقوم ، الذين عكفوا على عبادة العجل وقالوا : "هذا إلهنا وإله موسى" ، وخالفوا هارون . وكان استضعافهم إياه : تركهم طاعته واتباع أمره " وكادوا يقتلونني " ، يقول : قاربوا ولم يفعلوا .

واختلفت القرأة في قراءة قوله : "فلا تشمت" .

فقرأ قرأة الأمصار ذلك : ( فلا تشمت بي الأعداء ) ، بضم "التاء" من "تشمت" وكسر "الميم" منها ، من قولهم : "أشمت فلان فلانا بفلان" ، إذا سره فيه بما يكرهه المشمت به .

وروي عن مجاهد أنه قرأ ذلك : ( فلا تشمت بي الأعداء ) .

15142 - حدثني بذلك عبد الكريم قال ، حدثنا إبراهيم بن بشار قال ، حدثنا سفيان قال ، قال حميد بن قيس : قرأ مجاهد : ( فلا تشمت بي الأعداء ) .

15143 - حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله بن الزبير ، عن ابن عيينة ، عن حميد قال : قرأ مجاهد : ( فلا تشمت بي الأعداء ) .

15144 - حدثت عن يحيى بن زياد الفراء قال ، حدثنا سفيان بن عيينة ، [ ص: 132 ] عن رجل ، عن مجاهد ، أنه قال : ( لا تشمت ) .

وقال الفراء : قال الكسائي : ما أدري ، فلعلهم أرادوا : فلا تشمت بي الأعداء ، فإن تكن صحيحة فلها نظائر . العرب تقول : "فرغت وفرغت" ، فمن قال : "فرغت" ، قال : "أنا أفرغ" ، ومن قال : "فرغت" ، قال : "أنا أفرغ" ، وكذلك : "ركنت" "وركنت" ، و"شملهم أمر" "وشملهم" ، في كثير من الكلام . قال : "والأعداء" رفع ، لأن الفعل لهم ، لمن قال : "تشمت" أو "تشمت" .

قال أبو جعفر : والقراءة التي لا أستجيز القراءة إلا بها ، قراءة من قرأ : ( فلا تشمت ) : بضم "التاء" الأولى ، وكسر "الميم" من : "أشمت به عدوه أشمته به" ، ونصب "الأعداء" ، لإجماع الحجة من قرأة الأمصار عليها ، وشذوذ ما خالفها من القراءة ، وكفى بذلك شاهدا على ما خالفها . هذا مع إنكار معرفة عامة أهل العلم بكلام العرب : "شمت فلان فلانا بفلان" ، و"شمت فلان بفلان يشمت به" ، وإنما المعروف من كلامهم إذا أخبروا عن شماتة الرجل بعدوه : "شمت به" بكسر "الميم" : "يشمت به" ، بفتحها في الاستقبال .

وأما قوله : " ولا تجعلني مع القوم الظالمين " ، فإنه قول هارون لأخيه موسى . يقول : لا تجعلني في موجدتك علي وعقوبتك لي ولم أخالف أمرك ، محل من عصاك فخالف أمرك ، وعبد العجل بعدك ، فظلم نفسه ، وعبد غير من له العبادة ، ولم أشايعهم على شيء من ذلك ، كما : - [ ص: 133 ]

15145 - حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : "ولا تجعلني مع القوم الظالمين" ، ) قال : أصحاب العجل .

15146 - حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، بمثله .

التالي السابق


الخدمات العلمية