الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 438 ] ( ( ونفس وما سواها ( 7 ) فألهمها فجورها وتقواها ( 8 ) )

                                                                                                                                                                                                                                      ( ونفس وما سواها ) عدل خلقها وسوى أعضاءها . قال عطاء : يريد جميع ما خلق من الجن والإنس . ( فألهمها فجورها وتقواها ) قال ابن عباس في رواية علي بن أبي طلحة : بين لها الخير والشر . وقال في رواية عطية : علمها الطاعة والمعصية ، وروى الكلبي عن أبي صالح عنه : عرفها ما تأتي من الخير وما تتقي [ من الشر ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال سعيد بن جبير : ألزمها فجورها وتقواها . قال ابن زيد : جعل فيها ذلك ، يعني بتوفيقه إياها للتقوى ، وخذلانه إياها للفجور . واختار الزجاج هذا ، وحمل الإلهام على التوفيق والخذلان ، وهذا يبين أن الله - عز وجل - خلق في المؤمن التقوى وفي الكافر الفجور .

                                                                                                                                                                                                                                      أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي ، أنا [ أحمد بن ] محمد بن إبراهيم الثعلبي ، أخبرني الحسين بن محمد بن الحسين بن عبد الله ، حدثنا موسى بن محمد بن علي بن عبد الله أخبرنا عبد الله بن محمد بن سفيان ، حدثنا مسلم بن إبراهيم ، أخبرنا عروة بن ثابت الأنصاري ، حدثنا يحيى بن عقيل ، عن يحيى بن يعمر ، عن الأسود الديلي قال : قال لي عمران بن حصين : أرأيت ما يعمل الناس [ ويتكادحون ] فيه أشيء قضي عليهم ومضى فيهم من قدر سبق ؟ أو فيما يستقبلون به مما آتاهم به نبيهم وأكدت عليهم الحجة ؟ قلت : بل شيء قد قضي عليهم ، قال : فهل يكون ذلك ظلما ؟ قال : ففزعت منه فزعا شديدا ، وقلت : إنه ليس شيء إلا وهو خلقه وملك يده لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ، فقال لي : سددك الله ، إنما سألتك لأختبر عقلك [ إن رجلا من جهينة أو مزينة ] أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله أرأيت ما يعمل الناس ويتكادحون فيه أشيء قضي عليهم ومضى فيهم من قدر سبق ؟ أو فيما يستقبلون به مما أتاهم نبيهم وأكدت به عليهم الحجة ؟ فقال : " لا بل شيء قد قضي عليهم ومضى فيهم " ، قال قلت : ففيم العمل إذا ؟ قال : " من كان الله خلقه لإحدى المنزلتين يهيئه الله لها ، وتصديق ذلك في كتاب الله - عز وجل - : " ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها " [ ص: 439 ]

                                                                                                                                                                                                                                      أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي شريح ، أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي ، حدثنا علي بن الجعد ، حدثنا زهير بن معاوية عن أبي الزبير ، عن جابر قال : جاء سراقة بن مالك بن جعشم فقال : يا رسول الله بين لنا ديننا كأنا خلقنا الآن ، أرأيت عمرتنا هذه ألعامنا هذا أم للأبد ؟ قال : بل للأبد ، قال : يا رسول الله بين لنا ديننا كأننا خلقنا الآن فيم العمل اليوم ، فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير ؟ أو فيما يستقبل ؟ قال : " لا بل فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير " ، قال : ففيم العمل ؟ فقالزهير : فقال كلمة خفيت علي ، فسألت عنها نسبتي بعد ، فذكر أنه سمعها ، فقال : " اعملوا فإن كلا ميسر لما خلق له " .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية