الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 80 ] القول في تأويل قوله ( وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون ( 138 ) )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : وقطعنا ببني إسرائيل البحر بعد الآيات التي أريناهموها ، والعبر التي عاينوها على يدي نبي الله موسى ، فلم تزجرهم تلك الآيات ، ولم تعظهم تلك العبر والبينات! حتى قالوا مع معاينتهم من الحجج ما يحق أن يذكر معها البهائم ، إذ مروا على قوم يعكفون على أصنام لهم ، يقول : يقومون على مثل لهم يعبدونها من دون الله "اجعل لنا" يا موسى "إلها" ، يقول : مثالا نعبده وصنما نتخذه إلها ، كما لهؤلاء القوم أصنام يعبدونها . ولا تنبغي العبادة لشيء سوى الله الواحد القهار . وقال موسى صلوات الله عليه : إنكم أيها القوم قوم تجهلون عظمة الله وواجب حقه عليكم ، ولا تعلمون أنه لا تجوز العبادة لشيء سوى الله الذي له ملك السماوات والأرض .

وذكر عن ابن جريج في ذلك ما : -

15053 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج : ( وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم ) ، قال ابن جريج : "على أصنام لهم" ، قال : تماثيل بقر . فلما كان عجل السامري شبه لهم أنه من تلك البقر ، فذلك كان أول شأن العجل : ( قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون ) ، [ ص: 81 ]

وقيل : إن القوم الذين كانوا عكوفا على أصنام لهم ، الذين ذكرهم الله في هذه الآية ، قوم كانوا من لخم .

ذكر من قال ذلك :

15054 - حدثنا محمد بن بشار قال ، حدثنا بشر بن عمرو قال ، حدثنا العباس بن المفضل ، عن أبي العوام ، عن قتادة : ( فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم ) ، قال : على لخم .

وقيل : إنهم كانوا من الكنعانيين الذين أمر موسى عليه السلام بقتالهم . وقد : -

15055 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن الزهري : أن أبا واقد الليثي قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حنين ، فمررنا بسدرة ، قلت : يا نبي الله ، اجعل لنا هذه ذات أنواط كما للكفار ذات أنواط! وكان الكفار ينوطون سلاحهم بسدرة يعكفون حولها فقال النبي صلى الله عليه وسلم : الله أكبر! هذا كما قالت بنو إسرائيل لموسى : "اجعل لنا إلها كما لهم آلهة" ، إنكم ستركبون سنن الذين من قبلكم .

15056 - حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا [ ص: 82 ] معمر ، عن الزهري ، عن سنان بن أبي سنان ، عن أبي واقد الليثي قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حنين ، فمررنا بسدرة ، فقلنا : يا نبي الله ، اجعل لنا هذه ذات أنواط ، فذكر نحوه .

1557 - حدثني المثنى قال ، حدثنا الحجاج قال ، حدثنا حماد ، عن محمد بن إسحاق ، عن الزهري ، عن سنان بن أبي سنان ، عن أبي واقد الليثي ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، نحوه .

15058 - حدثني المثنى قال ، حدثنا ابن صالح قال ، حدثني الليث قال ، حدثني عقيل ، عن ابن شهاب قال ، أخبرني سنان بن أبي سنان الديلي ، عن أبي واقد الليثي : أنهم خرجوا من مكة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين ، قال : وكان للكفار سدرة يعكفون عندها ، ويعلقون بها أسلحتهم ، يقال لها "ذات أنواط ، قال : فمررنا بسدرة خضراء عظيمة ، قال : فقلنا : يا رسول الله ، اجعل لنا ذات أنواط . قال : "قلتم والذي نفسي بيده ، ما قال قوم موسى : " اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون " ، إنها السنن ، لتركبن سنن من كان قبلكم .

التالي السابق


الخدمات العلمية