الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 24 ] القول في تأويل قوله ( يأتوك بكل ساحر عليم ( 112 ) وجاء السحرة فرعون قالوا إن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين ( 113 ) )

قال أبو جعفر : وهذا خبر من الله جل ثناؤه عن مشورة الملأ من قوم فرعون على فرعون ، أن يرسل في المدائن حاشرين يحشرون كل ساحر عليم .

وفي الكلام محذوف ، اكتفى بدلالة الظاهر من إظهاره ، وهو : فأرسل في المدائن حاشرين ، يحشرون السحرة .

" وجاء السحرة فرعون قالوا إن لنا لأجرا " يقول : إن لنا لثوابا على غلبتنا موسى عندك "إن كنا" ، يا فرعون ، "نحن الغالبين" .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

14931 - حدثنا العباس قال ، أخبرنا يزيد قال ، أخبرنا الأصبغ بن زيد ، عن القاسم بن أبي أيوب قال ، حدثني سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : " وأرسل في المدائن حاشرين " ، فحشر له كل ساحر متعالم ، فلما أتوا فرعون قالوا : بم يعمل هذا الساحر؟ قالوا : يعمل بالحيات . قالوا : والله ما في الأرض قوم يعملون بالسحر والحيات والحبال والعصي أعلم منا ، فما أجرنا إن غلبنا؟ فقال لهم : أنتم قرابتي وحامتي ، وأنا صانع إليكم كل شيء أحببتم .

14932 - حدثني عبد الكريم بن الهيثم قال : حدثنا إبراهيم بن بشار قال ، حدثنا سفيان ، [ ص: 25 ] قال : حدثنا أبو سعد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قال فرعون : لا نغالبه يعني موسى إلا بمن هو منه ، فأعد علماء من بني إسرائيل ، فبعث بهم إلى قرية بمصر يقال لها : " الفرما " ، يعلمونهم السحر كما يعلم الصبيان الكتاب في الكتاب . قال : فعلموهم سحرا كثيرا . قال : وواعد موسى فرعون موعدا ، فلما كان في ذلك الموعد ، بعث فرعون ، فجاء بهم وجاء بمعلمهم معهم ، فقال له : ماذا صنعت؟ قال : قد علمتهم من السحر سحرا لا يطيقه سحر أهل الأرض ، إلا أن يكون أمرا من السماء ، فإنه لا طاقة لهم به ، فأما سحر أهل الأرض ، فإنه لن يغلبهم . فلما جاءت السحرة قالوا لفرعون : أئن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين قال نعم وإنكم إذا لمن المقربين .

14933 - حدثني موسى بن هارون قال ، حدثنا عمرو قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي : فأرسل فرعون في المدائن حاشرين " ، فحشروا عليه السحرة ، "فلما جاء السحرة فرعون قالوا إن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين" يقول : عطية تعطينا " إن كنا نحن الغالبين قال نعم وإنكم لمن المقربين " .

14934 - حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : " أرجه وأخاه وأرسل في المدائن حاشرين يأتوك بكل ساحر عليم " ، أي كاثره بالسحرة ، لعلك أن تجد في السحرة من يأتي بمثل ما جاء به . وقد كان موسى وهارون خرجا من عنده حين أراهم من سلطان الله ما أراهم . وبعث فرعون في مملكته ، فلم يترك في سلطانه ساحرا إلا أتي به . فذكر لي ، والله أعلم ، أنه جمع له خمسة عشر ألف ساحر ، فلما اجتمعوا إليه ، أمرهم أمره ، وقال لهم : قد جاءنا ساحر ما رأينا مثله قط ، وإنكم إن غلبتموه أكرمتكم وفضلتكم ، وقربتكم على أهل مملكتي! [ ص: 26 ] قالوا : وإن لنا ذلك إن غلبناه؟ قال : نعم ! .

14935 - حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا يحيى بن واضح قال ، حدثنا الحسين ، عن يزيد ، عن عكرمة قال : السحرة كانوا سبعين قال أبو جعفر : أحسبه أنه قال : ألفا .

14936 - قال : حدثنا يحيى بن واضح قال ، حدثنا موسى بن عبيدة ، عن ابن المنذر ، قال : كان السحرة ثمانين ألفا .

14937 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا جرير ، عن عبد العزيز بن رفيع ، عن خيثمة ، عن أبي سودة ، عن كعب قال : كان سحرة فرعون اثني عشر ألفا .

التالي السابق


الخدمات العلمية