الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( الذين كذبوا شعيبا كأن لم يغنوا فيها الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين ( 92 ) )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : فأهلك الذين كذبوا شعيبا فلم يؤمنوا به ، فأبادهم ، فصارت قريتهم منهم خاوية خلاء ( كأن لم يغنوا فيها ) ، يقول : كأن لم ينزلوا قط ولم يعيشوا بها حين هلكوا .

يقال : " غني فلان بمكان كذا ، فهو يغنى به غنى وغنيا " ، إذا نزل به وكان به ، كما قال الشاعر .


ولقد يغنى بها جيرانك ال ممسكو منك بعهد ووصال



[ ص: 570 ] وقال رؤبة :


وعهد مغنى دمنة بضلفعا



إنما هو " مفعل " من " غني " .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

14866 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور قال ، حدثنا معمر ، عن قتادة . ( كأن لم يغنوا فيها ) ، : كأن لم يعيشوا ، كأن لم ينعموا .

14867 - حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس : ( كأن لم يغنوا فيها ) ، يقول : كأن لم يعيشوا فيها .

14868 - حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : ( كأن لم يغنوا فيها ) ، كأن لم يكونوا فيها قط .

وقوله : ( الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين ) ، يقول تعالى ذكره : لم يكن الذين اتبعوا شعيبا الخاسرين ، بل الذين كذبوه كانوا هم الخاسرين الهالكين . لأنه أخبر عنهم جل ثناؤه : أن الذين كذبوا شعيبا قالوا للذين أرادوا اتباعه : ( لئن اتبعتم شعيبا إنكم إذا لخاسرون ) ، فكذبهم الله بما أحل بهم من عاجل نكاله ، ثم قال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ما خسر تباع شعيب ، بل كان الذين كذبوا شعيبا لما جاءت عقوبة الله ، هم الخاسرين ، دون الذين صدقوا وآمنوا به .

التالي السابق


الخدمات العلمية