الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      [ ص: 321 ] قال إبراهيم الحربي : سئل أحمد عن المسلم يقول للنصراني : أكرمك الله . قال : نعم ، ينوي بها الإسلام .

                                                                                      وقيل : سئل أحمد عن رجل نذر أن يطوف على أربع ، فقال : يطوف طوافين ، ولا يطف على أربع .

                                                                                      قال ابن عقيل : من عجيب ما سمعته عن هؤلاء الأحداث الجهال ، أنهم يقولون : أحمد ليس بفقيه ، لكنه محدث . قال : وهذا غاية الجهل ; لأن له اختيارات بناها على الأحاديث بناء لا يعرفه أكثرهم . وربما زاد على كبارهم .

                                                                                      قلت : أحسبهم يظنونه كان محدثا وبس بل يتخيلونه من بابة محدثي زماننا . ووالله لقد بلغ في الفقه خاصة رتبة الليث ، ومالك ، والشافعي ، وأبي يوسف ، وفي الزهد والورع رتبة الفضيل ، وإبراهيم بن أدهم ، وفي الحفظ رتبة شعبة ، ويحيى القطان ، وابن المديني . ولكن الجاهل لا يعلم رتبة نفسه ، فكيف يعرف رتبة غيره ؟ !!

                                                                                      حكاية موضوعة

                                                                                      لم يستح ابن الجوزي من إيرادها ، فقال : أخبرنا ابن ناصر ، أخبرنا ابن الطيوري ، أخبرنا عبد الله بن محمد بن الحسين ; أخبرنا القاضي همام بن محمد الأبلي ، حدثنا أحمد بن علي بن حسين الخطيب ، حدثنا الحسين بن بكر الوراق ، أخبرنا أبو الطيب محمد بن جعفر ، حدثنا عبد الله بن أحمد ، قال : لما أطلق أبي من المحنة ، خشي أن يجيء إليه إسحاق بن راهويه ، فرحل إليه . فلما بلغ الري ، دخل مسجدا ، فجاء مطر [ ص: 322 ] كأفواه القرب . فقالوا له : اخرج من المسجد لنغلقه ، فأبى ، فقالوا : اخرج أو تجر برجلك ، فقلت : سلاما . فخرجت ، والمطر والرعد ، ولا أدري : أين أضع رجلي ، فإذا رجل قد خرج من داره ، فقال : يا هذا : أين تمر ؟ فقلت : لا أدري . قال : فأدخلني إلى بيت فيه كانون فحم ولبود ومائدة ، فأكلت . فقال : من أنت ؟ قلت : من بغداد . قال : تعرف أحمد بن حنبل ؟ فقلت : أنا هو ، فقال : وأنا إسحاق بن راهويه .

                                                                                      سعيد بن عمرو البرذعي : سمعت أبا زرعة ، يقول : كان أحمد لا يرى الكتابة عن أبي نصر التمار ، ولا يحيى بن معين ، ولا أحد ممن امتحن فأجاب .

                                                                                      أبو عوانة : سمعت الميموني ، يقول : صح عندي أن أحمد لم يحضر أبا نصر التمار لما مات ، فحسبت أن ذلك لإجابته في المحنة . وعن حجاج بن الشاعر ، سمع أحمد يقول : لو حدثت عن أحد ممن أجاب ، لحدثت عن أبي معمر وأبي كريب .

                                                                                      قلت : لأن أبا معمر الهذلي ندم ، ومقت نفسه ، والآخر أجروا له دينارين بعد الإجابة ، فردهما مع فقره .

                                                                                      الصولي : حدثنا الحسين بن قهم ، حدثنا أبي ، قال ابن أبي دواد للمعتصم : يا أمير المؤمنين ، هذا يزعم ; يعني : أحمد ، أن الله يرى في الآخرة ، والعين لا تقع إلا على محدود . فقال : ما عندك في هذا ؟ قال : [ ص: 323 ] عندي قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وروى حديث جرير : إنكم سترون ربكم كما ترون هذا البدر فقال لأحمد بن أبي دواد : ما عندك ؟ فقال : أنظر في إسناده ، وانصرف ، ووجه إلى ابن المديني وهو ببغداد مملق ، فأحضره ووصله بعشرة آلاف درهم ، وقال : يا أبا الحسن ، حديث جرير في الرؤية وذكر قصة .

                                                                                      أحمد بن علي الأبار : حدثنا يحيى بن عثمان الحربي ، سمعت بشر بن الحارث ، يقول : وددت أن رءوسهم خضبت بدمائهم ، وأنهم لم يجيبوا .

                                                                                      نقل أبو علي بن البناء ، عن شيخ ، عن آخر ، أن هذه الأبيات لأحمد في علي : [ ص: 324 ]

                                                                                      يا ابن المديني الذي عرضت له دنيا فجاد بدينه لينالها     ماذا دعاك إلى انتحال مقالة
                                                                                      قد كنت تزعم كافرا من قالها     أمر بدا لك رشده فتبعته
                                                                                      أم زهرة الدنيا أردت نوالها     ولقد عهدتك مرة متشددا
                                                                                      صعب المقالة للتي تدعى لها     إن المرزى من يصاب بدينه
                                                                                      لا من يرزى ناقة وفصالها



                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية