الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 188 ] أبواب أنكحة الكفار باب ذكر أنكحة الكفار وإقرارهم عليها 2721 - ( عن عروة : { أن عائشة أخبرته أن النكاح في الجاهلية كان على أربعة أنحاء : فنكاح منها نكاح الناس اليوم ، يخطب الرجل إلى الرجل وليته أو ابنته فيصدقها ثم ينكحها ونكاح آخر ، كان الرجل يقول لامرأته إذا طهرت من طمثها : أرسلي إلى فلان فاستبضعي منه ويعتزلها زوجها ولا يمسها حتى يتبين حملها من ذلك الرجل الذي تستبضع منه ، فإذا تبين حملها أصابها زوجها إذا أحب ، وإنما يفعل ذلك رغبة في نجابة الولد ، فكان هذا النكاح يسمى نكاح الاستبضاع ونكاح آخر ، يجتمع الرهط دون العشرة فيدخلون على المرأة كلهم فيصيبونها ، فإذا حملت ووضعت ومر ليال بعد أن تضع حملها أرسلت إليهم ، فلم يستطع رجل منهم أن يمتنع حتى يجتمعوا عندها ، فتقول لهم : قد عرفتم الذي كان من أمركم وقد ولدت فهو ابنك يا فلان ، فتسمي من أحبت باسمه ، فيلحق به ولدها لا يستطيع أن يمتنع منه الرجل ونكاح رابع يجتمع الناس الكثير فيدخلون على المرأة لا تمتنع ممن جاءها ، وهن البغايا ينصبن على أبوابهن الرايات وتكون علما ، فمن أرادهن دخل عليهن ، فإذا حملت إحداهن ووضعت جمعوا لها ودعوا لها القافة ، ثم ألحقوا ولدها بالذي يرون ، فالتاط به ودعي ابنه لا يمتنع من ذلك فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق هدم نكاح الجاهلية كله إلا نكاح الناس اليوم } رواه البخاري وأبو داود )

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            قوله : ( أربعة أنحاء ) جمع نحو : أي ضرب وزنا ومعنى ، ويطلق النحو أيضا على الجهة والنوع ، وعلى العلم المعروف اصطلاحا قال الداودي وغيره : بقي عليها أنحاء لم تذكرها الأول : نكاح الخدن ، وهو قوله تعالى: { ولا متخذات أخدان } كانوا يقولون : ما استتر فلا بأس به ، وما ظهر فهو لوم الثاني : نكاح المتعة وقد تقدم

                                                                                                                                            الثالث : نكاح البدل ، وقد أخرج الدارقطني من حديث أبي هريرة كان البدل في الجاهلية أن يقول الرجل للرجل : انزل لي عن امرأتك وأنزل لك عن امرأتي وإسناده ضعيف جدا قال الحافظ : والأول لا يرد لأنها أرادت ذكر بيان نكاح من لا زوج لها أو من أذن لها زوجها في ذلك والثاني يحتمل أن لا يرد لأن الممنوع منه كونه مقدرا بوقت [ ص: 189 ] لا أن عدم الولي فيه شرط ، وعدم ورود الثالث أظهر من الجميع انتهى . قوله : ( وليته أو ابنته ) التخيير للتنويع لا للشك قوله : ( فيصدقها ) بضم أوله ( ثم ينكحها ) أي يعين صداقها ويسمي مقداره ثم عليها . قوله : ( من طمثها ) بفتح الطاء المهملة وسكون الميم بعدها مثلثة : أي حيضها ، وكأن السر في ذلك أن يسرع علوقها منه قوله : ( فاستبضعي منه ) بموحدة بعدها ضاد معجمة : أي اطلبي منه المباضعة وهو الجماع

                                                                                                                                            ووقع في رواية الدارقطني " استرضعي " براء بدل الباء الموحدة ، قال محمد بن إسحاق الصغاني : الأول هو الصواب ، والمعنى : اطلبي الجماع منه لتحملي ، والمباضعة : المجامعة ، مشتقة من البضع وهو الفرج قوله : ( في نجابة الولد ) لأنهم كانوا يطلبون ذلك من أكابرهم ورؤسائهم في الشجاعة أو الكرم أو غير ذلك قوله : ( فهو ابنك يا فلان ) هذا إذا كان الولد ذكرا ، أو تقول : هي ابنتك إذا كانت أنثى قال في الفتح : لكن يحتمل أن لا يفعل ذلك إلا إذا كان ذكرا لما عرف من كراهتهم في البنت ، وقد كان منهم من يقتل ابنته التي يتحقق أنها بنته فضلا عمن يكون بمثل هذه الصفة

                                                                                                                                            قوله : ( علما ) بفتح اللام : أي علامة وأخرج الفاكهي من طريق ابن أبي مليكة قال : تبرز عمر بأجياد ، فدعا بماء فأتته أم مهزول وهي من البغايا التسع اللاتي كن في الجاهلية ، فقالت : هذا ماء ولكنه في إناء لم يدبغ ، فقال : هلم فإن الله جعل الماء طهورا وروى الدارقطني أيضا من طريق مجاهد في قوله تعالى: { الزاني لا ينكح إلا زانية } هن بغايا كن في الجاهلية معلومات ، لهن رايات يعرفن بها ومن طريق عاصم بن المنذر عن عروة مثله ، وزاد : كرايات البيطار

                                                                                                                                            وقد ساق هشام بن الكلبي في كتاب المثالب أسامي صواحبات الرايات في الجاهلية فسمى منهن أكثر من عشرة نسوة مشهورات قوله : ( القافة ) بقاف ثم فاء جمع قائف : وهو الذي يعرف شبه الولد بالوالد بالآثار الخفية قوله : ( فالتاط به ) بالمثناة الفوقية بعدها طاء مهملة : أي استلحقه وأصل اللوط بفتح اللام اللصوق قوله : ( إلا نكاح الناس اليوم ) أي الذي بدأت بذكره ، وهو أن يخطب الرجل فتزوجه وقد احتج بهذا الحديث على اشتراط الولي ، وتعقب بأن عائشة وهي الراوية كانت تجيز النكاح بغير ولي ويجاب بأن فعلها ليس بحجة




                                                                                                                                            الخدمات العلمية