الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب استحباب الخطبة للنكاح وما يدعى به للمتزوج 2680 - ( عن ابن مسعود قال { : علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد في الصلاة والتشهد في الحاجة ، وذكر تشهد الصلاة ، قال : والتشهد في الحاجة : إن الحمد لله نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله قال : ويقرأ ثلاث آيات } ، ففسرها سفيان الثوري { : اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون } { اتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا } ، { اتقوا الله وقولوا قولا سديدا } الآية رواه الترمذي وصححه ) .

                                                                                                                                            2681 - ( وعن إسماعيل بن إبراهيم عن رجل من بني سليم قال { : خطبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم أمامة بنت عبد المطلب ، فأنكحني من غير أن يتشهد } رواه أبو داود ) . [ ص: 156 ]

                                                                                                                                            2682 - ( وعن أبي هريرة : { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفأ إنسانا إذا تزوج قال : بارك الله لك ، وبارك عليك ، وجمع بينكما في خير } رواه الخمسة إلا النسائي وصححه الترمذي ) .

                                                                                                                                            2683 - ( وعن عقيل بن أبي طالب : { أنه تزوج امرأة من بني جشم ، فقالوا : بالرفاء والبنين ، فقال : لا تقولوا هكذا ، ولكن قولوا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم بارك لهم وبارك عليهم } رواه النسائي وابن ماجه وأحمد بمعناه وفي رواية له { : لا تقولوا ذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد نهانا عن ذلك ، قولوا : بارك الله فيك ، وبارك لك فيها } )

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            حديث ابن مسعود أخرجه أيضا أبو داود والنسائي والحاكم والبيهقي ، وهو من رواية أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه ولم يسمع منه وقد رواه الحاكم من طريق أخرى عن قتادة عن عبد ربه عن أبي عياض عن ابن مسعود وليس فيه الآيات ، ورواه أيضا من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص وأبي عبيدة أن عبد الله قال : فذكر نحوه ورواه البيهقي من حديث واصل الأحدب عن شقيق عن ابن مسعود بتمامه وفي رواية للبيهقي : { إذا أراد أحدكم أن يخطب لحاجة من النكاح أو غيره فليقل : الحمد لله نحمده ونستعينه . . . إلخ } ، وروى المصنف عن الترمذي أنه صحح حديث ابن مسعود ، والذي رأيناه في نسخة صحيحة منه التحسين فقط ، وكذلك روى الحافظ عنه في بلوغ المرام ، والمنذري في مختصر السنن التحسين فقط ، ولكنه قال الترمذي بعد أن ذكر أن الحديث حسن ما لفظه : رواه الأعمش عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم وكلا الحديثين صحيح ; لأن إسرائيل جمعهما فقال : عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص وأبي عبيدة عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم

                                                                                                                                            وحديث إسماعيل بن إبراهيم أخرجه أيضا البخاري في تاريخه الكبير وقال : إسناده مجهول ، ووقع عنده في رواية أمامة بنت ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب فكأنها نسبت في رواية أبي داود إلى جدها انتهى . وأما جهالة الصحابي المذكور فغير قادحة كما قررنا في هذا الشرح غير مرة ،

                                                                                                                                            وحديث أبي هريرة سكت عنه أبو داود والمنذري وقال الترمذي : حسن صحيح ، وصححه أيضا ابن حبان والحاكم .

                                                                                                                                            وحديث عقيل أخرجه أيضا أبو يعلى والطبراني وهو من رواية الحسن عن عقيل [ ص: 157 ] قال في الفتح : ورجاله ثقات إلا أن الحسن لم يسمع من عقيل فيما يقال وفي الباب عن هبار عند الطبراني : { أن النبي صلى الله عليه وسلم شهد نكاح رجل فقال : الخير والبركة والألفة والطائر الميمون والسعة والرزق ، بارك الله لكم }

                                                                                                                                            قوله : ( إن الحمد لله ) جاء في رواية بحذف إن ، وفي رواية للبيهقي بحذف إن وإثباتها بالشك ، فقال : " الحمد لله ، أو إن الحمد لله " وفي آخره قال شعبة : قلت لأبي إسحاق : هذه القصة في خطبة النكاح وفي غيرها ؟ قال : في كل حاجة ولفظ ابن ماجه في أول هذا الحديث : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوتي جوامع الخير وخواتيمه ، فعلمنا خطبة الصلاة وخطبة الحاجة ، فذكر خطبة الصلاة ثم خطبة الحاجة } قوله : ( وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ) زاد أبو داود في رواية { ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما } وفي رواية أخرى بعد قوله : " ورسوله أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فإنه لا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئا " وقد استدل بحديث ابن مسعود هذا على مشروعية الخطبة عند عقد النكاح وعند كل حاجة

                                                                                                                                            قال الترمذي في سننه : وقد قال أهل العلم : إن النكاح جائز بغير خطبة ، وهو قول سفيان الثوري وغيره من أهل العلم انتهى . ويدل على الجواز حديث إسماعيل بن إبراهيم المذكور فيكون على هذا الخطبة في النكاح مندوبة قوله : ( رفأ ) قال في الفتح : بفتح الراء وتشديد الفاء مهموز : معناه دعا له وفي القاموس : رفأه ترفئة وترفيئا : قال له : بالرفاء والبنين : أي بالالتئام وجمع الشمل انتهى . وذلك لأن الترفئة في الأصل : الالتئام ، يقال : رفأ الثوب : لأم خرقه وضم بعضه إلى بعض كانت هذه ترفئة الجاهلية ، ثم نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك وأرشد إلى ما في أحاديث الباب قوله : ( تزوج امرأة من بني جشم ) في جامع الأصول عن الحسن أن عليا هو المتزوج من بني جشم ، وعزاه إلى النسائي ، واختلف في علة النهي عن الترفئة التي كانت تفعلها الجاهلية ، فقيل : لأنه لا حمد فيها ولا ثناء ولا ذكر الله

                                                                                                                                            وقيل : لما فيه من الإشارة إلى بغض البنات لتخصيص البنين بالذكر ، وإلا فهو دعاء للزوج بالالتئام والائتلاف فلا كراهة فيه وقال ابن المنير : الذي يظهر أنه صلى الله عليه وسلم كره اللفظ لما فيه من موافقة الجاهلية لأنهم يقولونه تفاؤلا لا دعاء ، فيظهر أنه لو قيل : بصورة الدعاء لم يكره ، كأن يقول : اللهم ألف بينهما وارزقهما بنين صالحين




                                                                                                                                            الخدمات العلمية