الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 395 ] 373

ثم دخلت سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة

ذكر موت مؤيد الدولة وعود فخر الدولة إلى مملكته

في هذه السنة ، في شعبان ، توفي مؤيد الدولة أبو منصور بويه بن ركن الدولة بجرجان ، وكانت علته الخوانيق ، وقال له الصاحب بن عباد : لو عهدت إلى أحد فقال : أنا في شغل عن هذا ، ولم يعهد بالملك إلى أحد وكان عمره ثلاثا وأربعين سنة .

وجلس صمصام الدولة للعزاء ببغداذ ، فأتاه الطائع لله معزيا ، فلقيه في طيارة . ولما مات مؤيد الدولة تشاور أكابر دولته فيمن يقوم مقامه ، فأشار الصاحب إسماعيل بن عباد بإعادة فخر الدولة إلى مملكته ، إذ هو كبير البيت ، ومالك تلك البلاد قبل مؤيد الدولة ، ولما فيه من آيات الإمارة والملك . فكتب إليه واستدعاه ، وهو بنيسابور ، وأرسل الصاحب إليه من استخلفه لنفسه ، وأقام في الوقت خسرو فيروز بن ركن الدولة ليسكن الناس إلى قدوم فخر الدولة .

فلما وصلت الأخبار إلى فخر الدولة سار إلى جرجان ، فلقيه العسكر بالطاعة ، وجلس في دست ملكي في رمضان بغير منة لأحد ، فسبحان من إذا أراد أمرا كان . ولما عاد إلى مملكته قال له الصاحب : يا مولانا قد بلغك الله ، وبلغني فيك ما أملته ، من حقوق خدمتي لك إجابتي إلى ترك الجندية ، وملازمة داري والتوفر على أمر الله . فقال : لا تقل هذا ، فما أريد الملك إلا لك ، ولا يستقيم لي أمر إلا بك ، وإذا كرهت ملابسة الأمور كرهتها أنا أيضا وانصرفت .

[ ص: 396 ] فقبل الأرض ، وقال : الأمر لك فاستوزره وأكرمه وعظمه ، وصدر عن رأيه في جليل الأمور وصغيرها .

وسيرت الخلع من الخليفة إلى فخر الدولة ، والعهد ، واتفق فخر الدولة وصمصام الدولة فصارا يدا واحدة .

التالي السابق


الخدمات العلمية