الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        [ ص: 386 ] [ ص: 387 ] 27 - كتاب الفرائض [ ص: 388 ] [ ص: 389 ] ( 1 ) باب ميراث الصلب 22465 - قال مالك : الأمر المجتمع عليه عندنا ، والذي أدركت عليه أهل العلم ببلدنا ، في فرائض المواريث : أن ميراث الولد من والدهم ، أو والدتهم أنه إذا توفي الأب أو الأم ، وتركا ولدا رجالا ونساء . فللذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف . فإن شركهم أحد بفريضة مسماة ، وكان فيهم ذكر ، بدئ بفريضة من شركهم . وكان ما بقي بعد ذلك بينهم ، على قدر مواريثهم .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        22466 - قال أبو عمر : ما ذكره مالك - رحمه الله - في ميراث البنين ذكرانا كانوا ، أو إناثا من آبائهم ، أو أمهاتهم ، فكما ذكر لا خلاف في شيء من ذلك بين العلماء إذا كانوا أحرارا مسلمين ، ولم يقتل واحد منهم أباه ، وأمه عمدا .

                                                                                                                        22467 - وأما قوله عز وجل - فإن كن نساء فوق اثنتين فالمعنى في ذلك عند جمهور العلماء ، وجماعة الفقهاء الذين تدور عليهم في الأمصار الفتوى إن كن نساء اثنتين ، فما فوقها .

                                                                                                                        22468 - وما أعلم في هذا خلافا بين علماء المسلمين إلا رواية شاذة لم تصح عن ابن عباس أنه قال : للاثنتين النصف ، كما للبنت الواحدة حتى تكون البنات أكثر [ ص: 390 ] من اثنتين ، فيكون لهن الثلثان .

                                                                                                                        22469 - وهذه الرواية منكرة عند أهل العلم قاطبة ، كلهم ينكرها ، ويدفعها ما رواه ابن شهاب ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، عن ابن عباس . أنه جعل للبنتين الثلثين .

                                                                                                                        22470 - وعلى هذا جماعة الناس .

                                                                                                                        22471 - وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من أخبار الآحاد العدول مثل ما عليه الجماعة في ذلك .

                                                                                                                        22472 - حدثني أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن ، وعبد الوارث بن سفيان ، قالا : حدثني قاسم بن أصبغ ، قال : حدثني الحارث بن أبي أسامة ، قال : حدثني عيسى بن إسماعيل الطباع ، قال : حدثني عمرو بن ثابت ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر بن عبد الله أن امرأة من الأنصار أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - بابنتي سعد بن الربيع فقالت : يا رسول الله ; إن سعد بن الربيع قتل يوم أحد شهيدا ، فأخذ عمهما كل شيء من تركته ولم يدع من مال أبيهما شيئا ، والله ما لهما مال ، ولا تنكحان إلا ولهما مال ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سيقضي الله في ذلك ما شاء ، [ ص: 391 ] فنزلت : يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك [ النساء : 11 ] ; فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمهما ، فقال : أعط هاتين الجاريتين الثلثين مما ترك أبوهما ، وأعط أمهما الثمن ، وما بقي ، فهو لك .

                                                                                                                        22473 - روى هذا الحديث جماعة من الأئمة عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله .

                                                                                                                        22474 - وعبد الله بن محمد بن عقيل قد قبل جماعة من أهل العلم بالحديث حديثه ، واحتجوا به ، وخالفهم في ذلك آخرون ، فكان هذا من سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيانا لمعنى قول الله - عز وجل : فإن كن نساء فوق اثنتين . . [ النساء : 11 ] أي اثنتين فما فوقهما ، ونسخا لما كان عليه أهل الجاهلية من تركهم توريث الإناث من [ ص: 392 ] أولادهم .

                                                                                                                        22475 - وإنما كانوا يورثون الذكور حتى نزلت : يوصيكم الله في أولادكم . . . [ الآية 11 ] من سورة النساء .

                                                                                                                        22476 - كذلك روي عن ابن مسعود ، وابن عباس .

                                                                                                                        22477 - وقد استدل من العلماء قوم ممن لم يثبت عندهم هذا الحديث بدلائل على أن الابنتين حكمهما في الميراث حكم البنات ، منها أن الابنة لما أخذت مع أخيها السدس ، كان ذلك أحرى أن تأخذ ذلك مع أختها .

                                                                                                                        22478 - ومنها أن البنت لما كان لها النصف ، وكان للأخت النصف ، وجعل الله للأختين الثلثين كانت الابنتان أولى بذلك قياسا ، ونظرا صحيحا .

                                                                                                                        22479 - وفي حديث ابن مسعود ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قضى في بنت ، وبنت ابن ، وأخت ، فجعل للابنة النصف ، ولابنة الابن السدس ، وجعل الباقي للأخت .

                                                                                                                        22480 - فلما جعل للابنة ، ولابنة الابن الثلثين كانت الابنتان أولى بذلك ; [ ص: 393 ] لأن الابنة أقرب من ابنة الابن .




                                                                                                                        الخدمات العلمية