الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                  قوله تعالى : ( لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود ) الآيات ( 82 - 86 ) .

                                                                                                                                                                  إلى قوله تعالى : ( والذين كفروا وكذبوا ) نزلت في النجاشي وأصحابه .

                                                                                                                                                                  406 - قال ابن عباس : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بمكة يخاف على أصحابه من المشركين ، فبعث جعفر بن أبي طالب ، وابن مسعود في رهط من أصحابه إلى النجاشي ، وقال : إنه ملك صالح لا يظلم ، ولا يظلم عنده أحد ، فاخرجوا إليه حتى يجعل الله للمسلمين فرجا " . فلما وردوا عليه أكرمهم ، وقال لهم : تعرفون شيئا مما أنزل عليكم ؟ قالوا : نعم ، قال : اقرءوا . فقرءوا وحوله القسيسون ، والرهبان ، فكلما قرءوا آية انحدرت دموعهم مما عرفوا من الحق ، قال الله تعالى : ( ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع ) الآية .

                                                                                                                                                                  407 - أخبرنا الحسن بن محمد الفارسي قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن حمدون بن الفضل قال : حدثنا أحمد بن محمد بن الحسن قال : حدثنا محمد بن يحيى قال : حدثنا أبو صالح كاتب الليث قال : حدثني الليث قال : حدثني يونس [ عن ] ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ، وعن عروة بن الزبير وغيرهما ، قال : بعث رسول [ ص: 106 ] الله - صلى الله عليه وسلم - عمرو بن أمية الضمري ، بكتاب معه إلى النجاشي فقرأ كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم دعا جعفر بن أبي طالب والمهاجرين معه ، فأرسل إلى الرهبان والقسيسين فجمعهم ، ثم أمر جعفرا أن يقرأ عليهم القرآن فقرأ سورة " مريم " - عليها السلام - ، فآمنوا بالقرآن ، وفاضت أعينهم من الدمع ، وهم الذين أنزل فيهم : ( ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ) إلى قوله : ( فاكتبنا مع الشاهدين ) .

                                                                                                                                                                  408 - وقال آخرون : قدم جعفر بن أبي طالب من الحبشة هو وأصحابه ، ومعهم سبعون رجلا بعثهم النجاشي وفدا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليهم ثياب الصوف ، اثنان وستون من الحبشة ، وثمانية من أهل الشام ، وهم بحيرا الراهب ، وأبرهة ، وإدريس وأشرف ، وتمام وقثيم ، ودريد ، وأيمن ، فقرأ عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سورة " يس " إلى آخرها ، فبكوا حين سمعوا القرآن ، وآمنوا ، وقالوا : ما أشبه هذا بما كان ينزل على عيسى ، فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآيات .

                                                                                                                                                                  409 - أخبرنا أحمد بن محمد العدل قال : حدثنا زاهر بن أحمد قال : أخبرنا أبو القاسم البغوي ، قال : حدثنا علي بن الجعد قال : حدثنا شريك ، عن سالم ، عن سعيد بن جبير ، في قوله تعالى : ( ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا ) قال : بعث النجاشي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من خيار أصحابه ثلاثين رجلا ، فقرأ عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سورة " يس " فبكوا ، فنزلت هذه الآية .

                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية