الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 88 ] وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا فكلي واشربي وقري عينا

فائدة قوله وهزي إليك بجذع النخلة أن يكون إثمار الجذع اليابس رطبا ببركة تحريكها إياه ، وتلك كرامة أخرى لها . ولتشاهد بعينها كيف يثمر الجذع اليابس رطبا . وفي ذلك كرامة لها بقوة يقينها بمرتبتها .

والباء في بجذع النخلة لتوكيد لصوق الفعل بمفعوله مثل وامسحوا برءوسكم وقوله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة . وضمن هزي معنى قربي أو أدني ، فعدي بـ ( إلى ) ، أي حركي جذع النخلة وقربيه يدن إليك ويلن بعد اليبس ويسقط عليك رطبا : والمعنى : أدني إلى نفسك جذع النخلة . فكان فاعل الفعل ومتعلقه متحدا ، وكلاهما ضمير معاد واحد . ولا ضير في ذلك لصحة المعنى وورود أمثاله في الاستعمال نحو واضمم إليك جناحك . فالضام والمضموم إليه واحد . وإنما منع النحاة أن يكون الفاعل والمفعول ضميري معاد واحد إلا في أفعال القلوب ، وفي فعلي : عدم وفقد ، لعدم سماع ذلك ، لا لفساد المعنى ، فلا يقاس على ذلك منع غيره .

والرطب : تمر لم يتم جفافه .

والجني : فعيل بمعنى مفعول ، أي مجتنى ، وهو كناية عن حدثان سقوطه ، أي عن طراوته ولم يكن من الرطب المخبوء من قبل لأن الرطب متى كان أقرب عهدا بنخلته كان أطيب طعما .

[ ص: 89 ] و ( تساقط ) قرأه الجمهور بفتح التاء وتشديد السين أصله تتساقط بتاءين أدغمت التاء الثانية في السين ليتأتى التخفيف بالإدغام .

وقرأه حمزة بتخفيف السين على حذف إحدى التاءين للتخفيف . و رطبا على هاته القراءات تمييز لنسبة التساقط إلى النخلة .

وقرأه حفص بضم التاء وكسر السين على أنه مضارع ساقطت النخلة تمرها ، مبالغة في أسقطت ، و رطبا مفعول به .

وقرأه يعقوب بياء تحتية مفتوحة وفتح القاف وتشديد السين فيكون الضمير المستتر عائدا إلى جذع النخلة .

وجملة فكلي وما بعدها فذلكة للجمل التي قبلها من قوله قد جعل ربك تحتك سريا أي فأنت في بحبوحة عيش .

وقرة العين : كناية عن السرور بطريق المضادة ، لقولهم : سخنت عينه إذا كثر بكاؤه . فالكناية بضد ذلك عن السرور كناية بأربع مراتب ، وتقدم في قوله تعالى وقالت امرأة فرعون قرة عين لي ولك . وقرة العين تشمل هناء العيش وتشمل الأنس بالطفل المولود . وفي كونه قرة عين كناية عن ضمان سلامته ونباهة شأنه .

وفتح القاف في وقري عينا لأنه مضارع قررت عينه من باب رضي ، أدغم فنقلت حركة عين الكلمة إلى فائها في المضارع لأن الفاء ساكنة .

التالي السابق


الخدمات العلمية