الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 232 ] ثم دخلت سنة إحدى عشرة وخمسمائة

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      في رابع صفر منها انكسف القمر كسوفا كليا ، وفي تلك الليلة هجم الفرنج على ربض حماة
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فقتلوا خلقا كثيرا ، ورجعوا - لعنهم الله - إلى بلادهم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها كانت زلزلة عظيمة ببغداد ; سقطت منها دور كثيرة بالجانب الغربي ، وغلت الغلات في هذه السنة ببغداد جدا ، وفيها قتل لؤلؤ الخادم الذي كان قد استحوذ على مملكة حلب بعد موت أستاذه رضوان بن تتش ، قتله جماعة من الأتراك ، وكان قد خرج من حلب متوجها إلى جعبر ، فتنادى جماعة من مماليكه وغيرهم في أثناء الطريق : أرنب أرنب . فرموه بالسهام موهمين أنهم يصيدون صيدا فقتلوه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها كان وفاة السلطان غياث الدين محمد بن ملكشاه بن ألب أرسلان بن داود بن ميكائيل بن سلجوق ، ملك بلاد العراق وخراسان ، وغير ذلك من البلاد الشاسعة والأقاليم الواسعة ، كان من خيار الملوك وأحسنهم سيرة ، عادلا رحيم القلب سهل الأخلاق محمود العشرة ، رحمه الله ولما حضرته الوفاة [ ص: 233 ] استدعى ولده محمودا ، وضمه إليه وبكى كل منهما ، ثم أمره بالجلوس على سرير المملكة ، وعمره إذ ذاك أربعة عشر سنة ، فجلس وعليه التاج والسواران ، وحكم ، ولما توفي أبوه صرف الخزائن إلى العساكر ، وكان فيها أحد عشر ألف ألف دينار ، واستقر الملك له ، وخطب له ببغداد وغيرها من البلاد ، وكان عمر أبيه السلطان محمد تسعا وثلاثين سنة وأربعة أشهر وأياما ، وقد كان خطب له ببغداد عدة مرات ، ونازعه أخوه بركياروق ثم استقر له الملك إلى هذه السنة ؛ رحمه الله تعالى وأكرم مثواه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها ولد الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي بن آق سنقر ، صاحب حلب ودمشق .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية