الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                [ ص: 328 ] وقال شيخ الإسلام فصل جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين العفة والغنى في عدة أحاديث منها قوله في حديث أبي سعيد المخرج في الصحيحين : { من يستغن يغنه الله ومن يستعفف يعفه الله } ومنها قوله في حديث عياض بن حمار في صحيح مسلم : { أهل الجنة ثلاثة : ذو سلطان مقسط ورجل غني عفيف متصدق } ومنها قوله في حديث الخيل الذي في الصحيح : { ورجل ارتبطها تغنيا وتعففا . ولم ينس حق الله في رقابها وظهورها فهي له ستر } ومنها ما روي عنه : { من طلب المال استغناء عن الناس واستعفافا عن المسألة لقي الله ووجهه كالقمر ليلة البدر } . ومنها قوله في حديث عمر وغيره : { ما أتاك من هذا المال وأنت غير سائل ولا مشرف فخذه } فالسائل بلسانه وهو ضد المتعفف والمشرف بقلبه وهو ضد الغنى .

                قال في حق الفقراء : { يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف } أي [ ص: 329 ] عن السؤال للناس . وقال : { ليس الغنى عن كثرة العرض وإنما الغنى غنى النفس } فغنى النفس الذي لا يستشرف إلى المخلوق فإن الحر عبد ما طمع والعبد حر ما قنع . وقد قيل :

                أطعت مطامعي فاستعبدتني

                . فكره أن يتبع نفسه ما استشرفت له لئلا يبقى في القلب فقر وطمع إلى المخلوق ; فإنه خلاف التوكل المأمور به وخلاف غنى النفس .

                التالي السابق


                الخدمات العلمية