الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قد .

قد : حرف مختص بالفعل المتصرف الخبري المثبت ، المجرد من ناصب وجازم وحرف تنفيس ، ماضيا كان أو مضارعا . ولها معان :

الأول : التحقيق مع الماضي ، نحو : قد أفلح المؤمنون [ المؤمنون : 1 ] . قد أفلح من زكاها [ الشمس : 9 ] .

وهي في الجملة الفعلية المجاب بها القسم مثل ( إن ) واللام في الاسمية المجاب بها في إفادة التوكيد .

الثاني : والتقريب مع الماضي أيضا ، تقربه من الحال ، تقول : قام زيد ، فيحتمل الماضي القريب والماضي البعيد ; فإن قلت : قد قام ، اختص بالقريب .

قال النحاة : وانبنى على إفادتها ذلك أحكام :

منها منع دخولها على ليس وعسى ونعم وبئس ، لأنهن للحال ، فلا معنى لذكر ما يقرب ما هو حاصل ، ولأنهن لا يفدن الزمان .

ومنها : وجوب دخولها على الماضي الواقع حالا : إما ظاهرة ، نحو : وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا [ البقرة : 246 ] أو مقدرة ، نحو : هذه بضاعتنا ردت إلينا [ ص: 507 ] هذه بضاعتنا ردت إلينا [ يوسف : 65 ] . أو جاءوكم حصرت صدورهم [ النساء : 90 ] .

وخالف في ذلك الكوفيون والأخفش ، وقالوا : لا تحتاج لذلك ، لكثرة وقوعه حالا بدون ( قد ) .

وقال السيد الجرجاني وشيخنا العلامة الكافيجي : ما قاله البصريون غلط ، سببه اشتباه لفظ الحال عليهم ، فإن الحال الذي تقربه ( قد ) حال الزمان ، والحال المبين للهيئة حال الصفات ، وهما متغايران في المعنى .

المعنى الثالث : التقليل مع المضارع . قال في المغني : وهو ضربان : تقليل وقوع الفعل ، نحو : قد يصدق الكذوب ، وتقليل متعلقه ، نحو : قد يعلم ما أنتم عليه [ النور : 64 ] أي : أن ما هم عليه هو أقل معلوماته تعالى .

قال : وزعم بعضهم أنها في هذه الآية ونحوها للتحقيق . انتهى .

وممن قال بذلك الزمخشري ، قال : إنها أدخلت لتوكيد العلم ، ويرجع ذلك إلى توكيد الوعيد .

الرابع : التكثير ، ذكره سيبويه وغيره . وخرج عليه الزمخشري قوله : قد نرى تقلب وجهك في السماء [ البقرة : 144 ] قال : أي ربما نرى ، ومعناه : تكثير الرؤية .

الخامس : التوقع ، نحو : ( قد يقدم الغائب ) لمن يتوقع قدومه وينتظره ، و ( قد قامت الصلاة ) ; لأن الجماعة منتظرون ذلك . وحمل عليه بعضهم : قد سمع الله قول التي تجادلك [ المجادلة : 1 ] ;لأنها كانت تتوقع إجابة الله لدعائها .

التالي السابق


الخدمات العلمية