الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 97 ] قوله تعالى : وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين .

                                                                                                                                                                                                                                      أكد جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن هذا القرآن العظيم تنزيل رب العالمين ، وأنه نزل به الروح الأمين ، الذي هو جبريل على قلب نبينا - صلى الله عليهما وسلم - ليكون من المنذرين به ، وأنه نزل عليه بلسان عربي مبين ، وما ذكره جل وعلا هنا أوضحه في غير هذا الموضع . أما كون هذا القرآن تنزيل رب العالمين ، فقد أوضحه جل وعلا في آيات من كتابه ; كقوله تعالى : إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون تنزيل من رب العالمين [ 56 \ 77 - 79 ] وقوله تعالى : وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون تنزيل من رب العالمين [ 69 \ 41 - 43 ] وقوله تعالى : طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى إلا تذكرة لمن يخشى تنزيلا ممن خلق الأرض والسماوات العلا [ 20 \ 1 - 4 ] وقوله تعالى : تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم [ 45 \ 2 ] وقوله : حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا الآية [ 41 \ 1 - 3 ] وقوله تعالى : يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم تنزيل العزيز الرحيم لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم فهم غافلون [ 36 \ 1 - 6 ] والآيات بمثل ذلك كثيرة .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : نزل به الروح الأمين ، بينه أيضا في غير هذا الموضع ; كقوله : قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله الآية [ 2 \ 97 ] وقوله : لتكون من المنذرين ، أي : نزل به عليك لأجل أن تكون من المنذرين به ، جاء مبينا في آيات أخر ; كقوله تعالى : المص كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به الآية [ 7 \ 1 - 2 ] أي : أنزل إليك لتنذر به ، وقوله تعالى : تنزيل العزيز الرحيم لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم الآية [ 36 \ 5 - 6 ] . وقوله : بلسان عربي مبين ، ذكره أيضا في غير هذا الموضع ; كقوله : لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين [ 16 \ 103 ] وقوله تعالى : كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا الآية [ 41 \ 3 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد بينا معنى اللسان العربي بشواهده في سورة " النحل " ، في الكلام على قوله تعالى : وهذا لسان عربي مبين [ 16 \ 103 ] وقد أوضحنا معنى إنزال جبريل القرآن [ ص: 98 ] على قلبه - صلى الله عليه وسلم - بالآيات القرآنية في سورة " البقرة " ، في الكلام على قوله تعالى : قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله الآية [ 2 \ 97 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية