الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ) .

                                                                                                                                                                                                                                            قوله تعالى : ( فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ) .

                                                                                                                                                                                                                                            فيه مسائل :

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأولى : الاستمتاع في اللغة الانتفاع ، وكل ما انتفع به فهو متاع ، يقال : استمتع الرجل بولده ، ويقال فيمن مات في زمان شبابه : لم يتمتع بشبابه ، قال تعالى : ( ربنا استمتع بعضنا ببعض ) [ الأنعام : 128 ] ، وقال : ( أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها ) [ الأحقاف : 20 ] يعني تعجلتم الانتفاع بها ، وقال : ( فاستمتعتم بخلاقكم ) [ التوبة : 69 ] يعني بحظكم ونصيبكم من الدنيا ، وفي قوله : ( فما استمتعتم به منهن ) وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                            الأول : فما استمتعتم به من المنكوحات من جماع أو عقد عليهن ، فآتوهن أجورهن عليه ، ثم أسقط الراجع إلى " ما " لعدم الالتباس كقوله : ( إن ذلك لمن عزم الأمور ) [ الشورى : 43 ] فأسقط منه .

                                                                                                                                                                                                                                            والثاني : أن يكون " ما " في قوله : ( ما وراء ذلكم ) بمعنى النساء و " من " في قوله : ( منهن ) للتبعيض ، والضمير في قوله : ( به ) راجع إلى لفظ ( ما ) لأنه واحد في اللفظ ، وفي قوله : ( فآتوهن أجورهن ) إلى معنى " ما " لأنه جمع في المعنى ، وقوله : ( أجورهن ) أي : مهورهن ، قال تعالى : ( ومن لم يستطع منكم طولا ) [ النساء : 25 ] إلى قوله : ( فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن ) [ النساء : 25 ] وهي المهور ، وكذا قوله : ( فآتوهن أجورهن ) ههنا ، وقال تعالى في آية أخرى : ( ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن ) [ الممتحنة : 10 ] وإنما سمي المهر أجرا لأنه بدل المنافع ، وليس ببدل من الأعيان ، كما سمي بدل منافع الدار والدابة أجرا ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية