الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ( الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون ( 27 ) كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون ( 28 ) هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم ( 29 ) )

                                                                                                                                                                                                                                      فقال ( الذين ينقضون ) يخالفون ويتركون وأصل النقض الكسر ( عهد الله ) أمر الله الذي عهد إليهم يوم الميثاق بقوله : ألست بربكم قالوا بلى " ( 173 - الأعراف ) وقيل أراد به العهد الذي أخذه على النبيين وسائر الأمم أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم في قوله : وإذ أخذ الله ميثاق النبيين " ( 81 - آل عمران ) الآية وقيل أراد به العهد الذي عهد إليهم في التوراة أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم ويبينوا نعته ( من بعد ميثاقه ) توكيده . والميثاق العهد المؤكد ( ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ) يعني الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم وبجميع الرسل عليهم السلام لأنهم قالوا نؤمن ببعض ونكفر ببعض وقال المؤمنون " لا نفرق بين أحد من رسله " ( 285 - البقرة ) وقيل أراد به الأرحام ( ويفسدون في الأرض ) بالمعاصي وتعويق الناس عن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم وبالقرآن ( أولئك هم الخاسرون ) المغبونون ثم قال لمشركي العرب على وجه التعجب

                                                                                                                                                                                                                                      ( كيف تكفرون بالله ) بعد نصب الدلائل ووضوح البراهين ثم ذكر الدلائل فقال ( وكنتم أمواتا ) نطفا في أصلاب آبائكم ( فأحياكم ) في الأرحام والدنيا ( ثم يميتكم ) عند انقضاء آجالكم ( ثم يحييكم ) للبعث ( ثم إليه ترجعون ) أي تردون في الآخرة فيجزيكم بأعمالكم . [ ص: 78 ]

                                                                                                                                                                                                                                      قرأ يعقوب ترجعون في كل القرآن بفتح الياء والتاء على تسمية الفاعل

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى ( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ) لكي تعتبروا وتستدلوا وقيل لكي تنتفعوا ( ثم استوى إلى السماء ) قال ابن عباس وأكثر مفسري السلف أي ارتفع إلى السماء . وقال ابن كيسان والفراء وجماعة من النحويين أي أقبل على خلق السماء . وقيل قصد لأنه خلق الأرض أولا ثم عمد إلى خلق السماء ( فسواهن سبع سماوات ) خلقهن مستويات لا فطور فيها ولا صدع ( وهو بكل شيء عليم ) قرأ أبو جعفر وأبو عمرو والكسائي وقالون وهو وهي بسكون الهاء إذا كان قبل الهاء واو أو فاء أو لام زاد الكسائي وقالون : ثم هو وقالون : أن يمل هو ( 282 - البقرة )

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية