الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 186 ] للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم هذه الجملة معترضة جوابا عن مقالتهم التي تضمنها قوله تعالى وإذا بشر أحدهم بالأنثى فإن ارتباطها بجملة ويجعلون لله البنات سبحانه كما تقدم ، فهي بمنزلة جملة ( سبحانه ) ، غير أن جملة ( سبحانه ) جواب بتنزيه الله عما نسبوه إليه ، وهذه جواب بتحقيرهم على ما يعاملون به البنات مع نسبتهم إلى الله هذا الصنف المحقر عندهم .

وقد جرى الجواب على استعمال العرب عندما يسمعون كلاما مكروها أو منكرا أن يقولوا للناطق به : بفيك الكثكث ، ويقولون : تربت يداك ، وتربت يمينك ، واخسأ .

وكذلك جاء قوله تعالى للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء شتما لهم .

والمثل : الحال العجيبة في الحسن والقبح ، وإضافته إلى السوء للبيان .

وعرفوا بـ الذين لا يؤمنون بالآخرة ; لأنهم اشتهروا بهذه الصلة بين المسلمين ، كقوله تعالى فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون ، وقوله بل الذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب والضلال البعيد .

وجملة ولله المثل الأعلى عطفت على جملة للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ; لأن بها تكملة إفساد قولهم وذم رأيهم ، إذ نسبوا إلى الله الولد ، وهو من لوازم الاحتياج والعجز . ولما نسبوا إليه ذلك خصوه بأخس الصنفين عندهم ، كما قال تعالى ويجعلون لله ما يكرهون ، وإن لم يكن ذلك في الواقع ، ولكن هذا جرى على اعتقادهم ومؤاخذة لهم برأيهم .

[ ص: 187 ] و ( الأعلى ) تفضيل ، وحذف المفضل عليه لقصد العموم ، أي أعلى من كل مثل في العلو بقرينة المقام .

والسوء : بفتح السين مصدر ساءه ، إذا عمل معه ما يكره ، والسوء بضم السين الاسم ، تقدم في قوله تعالى يسومونكم سوء العذاب في سورة البقرة .

والمثل تقدم تفصيل معانيه عند قوله تعالى مثلهم كمثل الذي استوقد نارا في البقرة .

و العزيز الحكيم تقدم عند قوله تعالى فاعلموا أن الله عزيز حكيم في سورة البقرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية