الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
الزمخشري

نسبه وحياته : هو أبو القاسم محمود بن عمر الخوارزمي الزمخشري - ولد في السابع والعشرين من شهر رجب سنة 467هـ " سبع وستين وأربعمائة " بزمخشر ، وهي قرية كبيرة من قرى خوارزم ، وتلقى العلم في بلاده ، ورحل إلى بخارى في طلبه ، وأخذ الأدب عن شيخه منصور أبي مضر ، ثم رحل إلى مكة وجاور بها زمانا ، فقيل له " جار الله " وبها ألف كتابه في التفسير " الكشاف في حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل " وتوفي الزمخشري سنة 538هـ " ثمان وثلاثين وخمسمائة " ، بجرجانية خوارزم بعد رجوعه من مكة ، ورثاه بعضهم بأبيات منها :


فأرض مكة تذري الدمع مقلتها حزنا لفرقة جار الله محمود

[ ص: 376 ] علمه ومؤلفاته : والزمخشري إمام من أئمة اللغة والمعاني والبيان ، وكثيرا ما يجد القارئ في كتب النحو والبلاغة استشهادات له من كتبه للاحتجاج بها ، فيقولون : قال الزمخشري في كشافه ، أو في أساس البلاغة ، وهو صاحب رأي وحجة في كثير من مسائل العربية ، وليس من هؤلاء النفر الذين ينهجون نهج غيرهم فيجمعون وينقلون ، ولكنه صاحب رأي يقتفي غيره أثره وينقل عنه ، وله تصانيف في الحديث والتفسير والنحو واللغة والمعاني والبيان وغير ذلك ، منها : كتابه في تفسير القرآن " الكشاف " ، والفائق في تفسير الحديث ، والمنهاج في الأصول ، والمفصل في النحو ، وأساس البلاغة في اللغة ، ورءوس المسائل الفقهية .

مذهبه وعقيدته : والزمخشري حنفي المذهب ، معتزلي العقيدة ، يؤول الآيات وفق مذهبه وعقيدته بلحن لا يدركه إلا الخاصة ، ويسمي المعتزلة : إخوانه في الدين من أفاضل الفئة الناجية العدلية .

تفسيره : وكتاب الكشاف للزمخشري من أشهر كتب المفسرين بالرأي ، الماهرين في اللغة ، وينقل عنه الألوسي ، وأبو السعود ، والنسفي ، وغيرهم من المفسرين بدون نسبة إليه ، واعتزالياته في التفسير قد تولى التنقيب عنها العلامة أحمد المنير . وسماها بالانتصاف ، وفيها يناقش الزمخشري فيما أورده من العقائد على مذهب المعتزلة ويورد ما يقابلها ، كما يناقشه في كثير من أبواب اللغة ، وقد طبعت المكتبة التجارية بمصر " الكشاف " طبعة أخيرة رتبها مصطفى حسين أحمد ، وذيلت بأربعة كتب ، الأول : " الانتصاف " السابق ، والثاني " الكافي الشافي في تخريج أحاديث الكشاف " للحافظ ابن حجر العسقلاني ، والثالث : " حاشية الشيخ محمد عليان المرزوقي على تفسير الكشاف " كـ " الانتصاف " ، والرابع : " مشاهد الإنصاف على شواهد الكشاف " للمرزوقي المذكور - وقد ضمن تفسيره كثيرا من عقائد المعتزلة على طريق الإشارة ، وقد ذكرنا قبل ما نقل عن البلقيني أنه قال : استخرجت من الكشاف اعتزالا بالمناقيش .

"

التالي السابق


الخدمات العلمية