الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 482 ] ثم دخلت سنة تسع وثمانين وثلاثمائة

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      في هذه السنة ، قصد محمود بن سبكتكين بلاد خراسان فاستلب ملكها من أيدي السامانية ، وواقعهم مرات متعددة في هذه السنة وما قبلها ، حتى أزال اسمهم ورسمهم عن البلاد بالكلية ، وانقرضت دولتهم على يديه ثم صمد لقتالهم إيلك ملك الترك بما وراء النهر - وذلك بعد موت الخان الكبير الذي يقال له : فائق - وجرت له معهم حروب وخطوب .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها استولى بهاء الدولة على بلاد فارس وخوزستان .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها أرادت الشيعة أن تعمل ما كانوا يصنعونه من الزينة يوم غدير خم وهو اليوم الثامن عشر من ذي الحجة فيما يزعمونه ، فقاتلهم جهلة آخرون من المنتسبين للسنة ، فادعوا أن في مثل هذا اليوم حصر النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه في الغار ، فامتنعوا من ذلك ، وهذا أيضا جهل من هؤلاء ، فإن هذا إنما كان في أوائل شهر ربيع الأول من أول سني الهجرة ، فإنهما أقاما فيه ثلاثا ، وحين خرجا منه قصدا المدينة فدخلاها بعد ثمانية أيام أو نحوها ، وكان دخولهما المدينة في [ ص: 483 ] اليوم الثاني عشر من ربيع الأول ، وهذا أمر معلوم مقرر ، ولما كانت الشيعة يصنعون في يوم عاشوراء مأتما يظهرون فيه الحزن على الحسين بن علي قابلتهم طائفة أخرى من جهلة أهل السنة ، فادعوا أن في اليوم الثامن عشر من المحرم ، قتل مصعب بن الزبير فعملوا له مأتما كما تعمل الشيعة للحسين ، وزاروا قبره كما يزار قبر الحسين ، وهذا من باب مقابلة البدعة ببدعة مثلها ، ولا يرفع البدعة إلا السنة الصحيحة ، وبالله التوفيق .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها وقع برد شديد مع غيم مطبق وريح قوية جدا ، بحيث أتلفت شيئا كثيرا من النخيل ببغداد ، فلم يتراجع حملها إلى عادتها إلا بعد سنين .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وحج بركب العراق الشريفان الرضي والمرتضي ، فاعتقلهما أمير الأعراب ابن الجراح ، فافتديا منه بتسعة آلاف دينار من أموالهما فأطلقهما .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية