الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        [ ص: 261 ] كتاب الظهار

                                                                                                                                                                        صورته الأصلية : أنت علي كظهر أمي . قال الأصحاب : الظهار حرام ، قالوا : وقوله : أنت علي حرام ، ليس بحرام ، بل هو مكروه ، لأن الظهار علق به الكفارة العظمى ، وإنما علق بقوله : أنت علي حرام كفارة اليمين ، واليمين والحنث ليسا بمحرمين ، ولأن التحريم مع الزوجية قد يجتمعان في التحريم ، كتحريم الأم مع الزوجية لا يجتمعان .

                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        هذا الكتاب مشتمل على بابين . أحدهما في أركانه ، وهي ثلاثة : أحدها : الزوجان ، فيصح الظهار من كل زوج مكلف ، حرا كان أو عبدا ، مسلما أو ذميا ، خصيا أو مجبوبا أو سليما . وظهار الصبي والمجنون باطل ، وظهار السكران كطلاقه . ومن لحقها الطلاق ، صح الظهار منها ، سواء فيه الحرة والأمة ، والصغيرة والمجنونة ، والذمية والرتقاء ، والحائض والنفساء ، والمعتدة عن شبهة ، والمطلقة الرجعية وغيرهن .

                                                                                                                                                                        ولو قال لأجنبية : إذا نكحتك ، فأنت علي كظهر أمي ، لم يصح ، ويجيء فيه القول الشاذ في مثله في الطلاق ، ولا يصح الظهار من الأمة وأم الولد . [ ص: 262 ] فرع

                                                                                                                                                                        يتصور من الذمي الإعتاق عن الكفارة ، بأن يرث عبدا مسلما ، أو يكون له عبد كافر فيسلم ، أو يقول لمسلم : أعتق عبدك المسلم عن كفارتي ، فيجيبه ، أو يشتري عبدا مسلما إن جوزناهما ، فإن لم نجوز الشراء وتعذر تحصيله ، فما دام موسرا لا يباح له الوطء . ويقال له : إن أردت الوطء ، فأسلم وأعتق ، لأن الرقبة موجودة والتعذر منه ، وكذا لو كان معسرا وهو قادر على الصوم ، لا يجوز له العدول إلى الإطعام ، لأنه يمكنه أن يسلم ويصوم ، فإن عجز عنه لمرض أو هرم ، فحينئذ يطعم في كفره ، هكذا ذكره صاحبا " التهذيب " و " التتمة " ، وحكاه الإمام عن القاضي ، وتردد فيه ، من حيث إن الذمي مقر على دينه ، فحمله على الإسلام بعيد ، وجوابه ، أنا لا نحمله على الإسلام ، بل نقول : لا نمكنك من الوطء إلا هكذا ، فإما أن تتركه ، وإما أن تسلك طريق الحل .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية