الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ص: 5 ] ( حرف الحاء )

                                                          قال الخليل : الحاء حرف مخرجه من الحلق ، ولولا بحة فيه لأشبه العين ، وقال : وبعد الحاء الهاء ولم يأتلفا في كلمة واحدة أصلية الحروف ، وقبح ذلك على ألسنة العرب لقرب مخرجيهما ؛ لأن الحاء في الحلق بلزق العين ، وكذلك الحاء والهاء ، ولكنهما يجتمعان في كلمتين ، لكل واحد معنى على حدة ؛ كقول لبيد :


                                                          يتمادى في الذي قلت له ولقد يسمع قولي حي هل



                                                          وكقول الآخر : هيهاه وحيهله ، وإنما جمعها من كلمتين : حي كلمة على حدة ومعناه هلم ، وهل حثيثى ، فجعلهما كلمة واحدة ؛ وكذلك ما جاء في الحديث : ( إذا ذكر الصالحون ، فحيهلا بعمر ! ) . يعني : إذا ذكروا ، فأت بذكر عمر . قال : وقال بعض الناس : الحيهلة شجرة ، قال : وسألنا أبا خيرة وأبا الدقيش وعدة من الأعراب عن ذلك ، فلم نجد له أصلا ثابتا نطق به الشعراء ، أو رواية منسوبة معروفة ، فعلمنا أنها كلمة مولدة وضعت للمعاياة . قال ابن شميل : حيهلا بقلة تشبه الشكاعى ، يقال : هذه حيهلا ، كما ترى ، لا تنون في حي ولا في هلا ، الياء من حي شديدة والألف من هلا منقوصة مثل خمسة عشر . وقال الليث : قلت للخليل : ما مثل هذا من الكلام أن يجمع بين كلمتين فتصير منهما كلمة ؟ قال : قول العرب عبد شمس وعبد قيس ، عبد كلمة وشمس كلمة ؛ فيقولون : تعبشم الرجل وتعبقس ، ورجل عبشمي وعبقسي . وروي عن الفراء أنه قال : لم نسمع بأسماء بنيت من أفعال إلا هذه الأحرف : البسملة والسبحلة والهيللة والحوقلة ؛ أراد أنه يقال : بسمل إذا قال : بسم الله ، وحوقل إذا قال : لا حول ولا قوة إلا بالله ، وحمدل إذا قال : الحمد لله ، وجعفل جعفلة من جعلت فداءك ، والحيعلة من حي على الصلاة . قال أبو العباس : هذه الثلاثة أحرف أعني : حمدل وجعفل وحيعل عن غير الفراء ؛ وقال ابن الأنباري : فلان يبرقل علينا ، ودعنا من التبرقل ، وهو أن يقول ولا يفعل ، ويعد ولا ينجز ، أخذ من البرق والقول .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية