الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين ولأجر الآخرة خير للذين آمنوا وكانوا يتقون تقدم تفسير آية وكذلك مكنا ليوسف في الأرض آنفا . والتبوء : اتخاذ مكان للبوء ، أي الرجوع ، فمعنى التبوء النزول والإقامة . وتقدم في قوله تعالى أن تبوآ لقومكما بمصر بيوتا في سورة يونس . وقوله يتبوأ منها حيث يشاء كناية عن تصرفه في جميع مملكة مصر فهو عند حلوله بمكان من المملكة لو شاء أن يحل بغيره لفعل ، فجملة يتبوأ يجوز أن تكون حالا من يوسف ، ويجوز أن تكون بيانا لجملة مكنا ليوسف في الأرض .

وقرأ الجمهور حيث يشاء بياء الغيبة ، وقرأ ابن كثير حيث نشاء بنون العظمة ، أي حيث يشاء الله ، أي حيث نأمره أو نلهمه . والمعنى متحد لأنه لا يشاء إلا ما شاءه الله

[ ص: 11 ] وجملة نصيب برحمتنا من نشاء إلى آخرها تذييل لمناسبة عمومه لخصوص ما أصاب يوسف عليه السلام من الرحمة في أحواله في الدنيا وما كان له من مواقف الإحسان التي كان ما أعطيه من النعم وشرف المنزلة جزاء لها في الدنيا ; لأن الله لا يضيع أجر المحسنين . ولأجره في الآخرة خير من ذلك له ولكل من آمن واتقى .

والتعبير في جانب الإيمان بصيغة الماضي وفي جانب التقوى بصيغة المضارع ; لأن الإيمان عقد القلب الجازم فهو حاصل دفعة واحدة ، وأما التقوى فهي متجددة بتجدد أسباب الأمر والنهي واختلاف الأعمال والأزمان .

التالي السابق


الخدمات العلمية