الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 191 ] والمواقيت : للعراقيين ذات عرق ، وللشاميين الجحفة ، وللمدنيين ذو الحليفة ، وللنجديين قرن ، ولليمنيين يلملم ، وإن قدم الإحرام عليها فهو أفضل ، ولا يجوز للآفاقي أن يتجاوزها إلا محرما إذا أراد دخول مكة ، فإن جاوزها الآفاقي بغير إحرام فعليه شاة ، فإن عاد فأحرم منه سقط الدم ، وإن أحرم بحجة أو عمرة ثم عاد إليه ملبيا سقط أيضا ( سم ز ) ، ولو عاد بعد ما استلم الحجر وشرع في الطواف لم يسقط ، وإن جاوز الميقات لا يريد دخول مكة فلا شيء عليه ، ومن كان داخل الميقات فميقاته الحل ، ومن كان بمكة فوقته في الحج الحرم ، وفي العمرة الحل .

[ ص: 191 ]

التالي السابق


[ ص: 191 ] قال : ( والمواقيت : للعراقيين ذات عرق ، وللشاميين الجحفة ، وللمدنيين ذو الحليفة ، وللنجديين قرن ، ولليمنيين يلملم ) ويقال : ألملم ؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - وقت هذه المواقيت ، وقال : " هن لأهلهن ولمن مر بهن من غير أهلهن ممن أراد الحج أو العمرة ، رواه ابن عباس ، فلو أراد المدني دخول مكة من جهة العراق فوقته ذات عرق ، وكذا في سائر المواقيت ، ومن قصد مكة من طريق غير مسلوك أحرم إذا حاذى الميقات .

( وإن قدم الإحرام عليها فهو أفضل ) لقوله تعالى : ( وأتموا الحج والعمرة لله ) قال علي ، وابن مسعود : وإتمامهما أن يحرم بهما من دويرة أهله ، ولأنه أشق على النفس فكان أفضل . قال أبو حنيفة : الإحرام من مصره أفضل إذا ملك نفسه في إحرامه .

قال : ( ولا يجوز للآفاقي أن يتجاوزها إلا محرما إذا أراد دخول مكة ) سواء دخلها حاجا أو معتمرا أو تاجرا ؛ لأن فائدة التأقيت هذا لأنه يجوز تقديم الإحرام عليها بالاتفاق . وقال - عليه الصلاة والسلام - : " لا يتجاوز أحد الميقات إلا محرما ) ومن كان داخل الميقات فله أن يدخل مكة بغير إحرام لحاجته ؛ لأنه يتكرر دخوله لحوائجه فيخرج في ذلك فصار كالمكي إذا خرج ثم دخل ، بخلاف ما إذا دخل للحج لأنه لا يتكرر فإنه لا يكون في السنة إلا مرة فلا يخرج ، وكذا لأداء العمرة لأنه التزمها لنفسه .

قال : ( فإن جاوزها الآفاقي بغير إحرام فعليه شاة ) لأنه منهي عنه لما مر من الحديث .

( فإن عاد فأحرم منه سقط الدم ، وإن أحرم بحجة أو عمرة ثم عاد إليه ملبيا سقط أيضا ) عند أبي حنيفة ، وعندهما يسقط بمجرد العود ، وعند زفر لا يسقط وإن لبى ؛ لأن الجناية قد تقررت فلا ترتفع بالعود ، كما إذا دفع من عرفات قبل الغروب ثم عاد بعده . ولنا أنه استدرك الفائت قبل تقرر [ ص: 192 ] الجناية بالشروع في أفعال الحج فيسقط الدم ، بخلاف الدفع من عرفات لأن الواجب استدامة الوقوف ولم يستدركه ، ثم عندهما أظهر حق الميقات بنفس العود ؛ لأن التلبية ليست بشرط في الابتداء حتى لو مر به محرما ساكتا جاز ، وعنده أنه جنى بالتأخير عن الميقات ، فيجب عليه قضاء حقه بإنشاء التلبية ، فكان التدارك في العود ملبيا .

قال : ( ولو عاد بعد ما استلم الحجر وشرع في الطواف لم يسقط ) بالاتفاق لأنه لم يعد على حكم الابتداء ، وكذلك إن عاد بعد الوقوف لما بينا .

( وإن جاوز الميقات لا يريد دخول مكة فلا شيء عليه ) لأنه إنما وجب عليه الإحرام لتعظيم مكة شرفها الله تعالى ، وما قبلها من القرى والبساتين غير واجب التعظيم ، وإذا جاوز الميقات صار هو وصاحب المنزل سواء ، فله دخول مكة بغير إحرام لما مر .

قال : ( ومن كان داخل الميقات فميقاته الحل ) الذي بين الميقات وبين الحرم لأنه أحرم من دويرة أهله .

( ومن كان بمكة فوقته في الحج الحرم ، وفي العمرة الحل ) لأن النبي - عليه الصلاة والسلام - أمر أصحابه أن يحرموا بالحج من مكة ، ولأن أداء الحج لا يتم إلا بعرفة وهي في الحل ، فإذا أحرم بالحج من الحرم يقع نوع سفر ، وأما العمرة فلأن النبي - عليه الصلاة والسلام - أمر عبد الرحمن أخا عائشة أن يعتمر بها من التنعيم وهو في الحل ، ولأن أداء العمرة بمكة فيخرج إلى الحل ليقع نوع سفر أيضا ، ولو أحرم بها من أي موضع شاء من الحل جاز إلا أن التنعيم أفضل لما روينا .




الخدمات العلمية