الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 1810 ) فصل : ويجوز التصرف في النصاب الذي وجبت الزكاة فيه ، بالبيع والهبة وأنواع التصرفات ، وليس للساعي فسخ البيع . وقال أبو حنيفة تصح ، إلا أنه إذا امتنع من أداء الزكاة نقض البيع في قدرها . وقال الشافعي : في صحة البيع قولان ; أحدهما ، لا يصح ; لأننا إن قلنا إن الزكاة تتعلق بالعين ، فقد باع ما لا يملكه ، وإن قلنا تتعلق بالذمة ، فقدر الزكاة مرتهن بها ، وبيع الرهن غير جائز .

                                                                                                                                            ولنا ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم : نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها . } متفق عليه . ومفهومه صحة بيعها إذا بدا صلاحها ، وهو عام فيما وجبت فيه الزكاة وغيره . ونهى عن بيع الحب حتى يشتد ، وبيع العنب حتى يسود . وهما مما تجب الزكاة فيه . ولأن الزكاة وجبت في الذمة ، والمال خال عنها ، فصح بيعه ، كما لو باع ماله ، وعليه دين آدمي ، أو زكاة فطر .

                                                                                                                                            وإن تعلقت بالعين ، فهو تعلق لا يمنع التصرف في جزء من النصاب ، فلم يمنع بيع جميعه ، كأرش الجناية . وقولهم : باع ما لا يملكه . لا يصح ; فإن الملك لم يثبت للفقراء في النصاب ، بدليل أن له أداء الزكاة من غيره ، ولا يتمكن الفقراء من إلزامه أداء الزكاة منه ، وليس برهن ، فإن أحكام الرهن غير ثابتة فيه ، فإذا تصرف في النصاب ثم أخرج الزكاة من غيره ، وإلا كلف إخراجها ، وإن لم يكن له كلف تحصيلها ، فإن عجز بقيت الزكاة في ذمته ، كسائر الديون ، ولا يؤخذ من النصاب .

                                                                                                                                            ويحتمل أن يفسخ البيع في قدر الزكاة ، وتؤخذ [ ص: 287 ] منه ، ويرجع البائع عليه بقدرها ; لأن على الفقراء ضررا في إتمام البيع ، وتفويتا لحقوقهم ، فوجب فسخه ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { لا ضرر ولا ضرار } وهذا أصح .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية