الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                [ ص: 150 ] [ ص: 151 ] كتاب الشهادات

                                                                                                                شهد : في لسان العرب له ثلاثة معان ، شهد بمعنى علم ، ومنه قوله تعالى : ( وكنا لحكمهم شاهدين ) ) والله على كل شيء شهيد ) أي عليم ، وبمعنى أخبر ، ومنه : شهد عند الحاكم ، أي أخبر ، وقوله تعالى : ( قالوا نشهد إنك لرسول الله ) و ( شهد الله أنه لا إله إلا هو ) إن فسر بمعنى أخبر ، وشهد بمعنى حضر ومنه : شهدنا صلاة العيد ، وشهد بدرا . وشهود القضاء تجتمع فيهم الثلاثة ؛ لأنهم يعلمون ويخبرون عند الحاكم .

                                                                                                                قال في التنبيهات : شروط الشهادة العادلة الجائزة في كل شيء ثمانية : العقل ، والبلوغ ، والذكورة ، والحرية ، والإسلام ، والعدالة ، وضبط الشهادة حين الأداء وحين السماع ، وانعدام التهمة .

                                                                                                                وفي الكتاب تسعة أبواب :

                                                                                                                [ ص: 152 ] الباب الأول

                                                                                                                في حكمها

                                                                                                                قال ابن يونس : قال بعض العلماء : الشهادة فرض على الكفاية ، يحملها بعض الناس عن بعض كالجهاد ، إلا في موضع ليس فيه من يحمل ذلك ففرض عين ، وقال مالك في قوله تعالى : ( ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا ) معناه : إذا دعوا للأداء ، وقال عطاء : معناه : الأداء والتحمل ، وقال سفيان في قوله تعالى : ( ولا يضار كاتب ولا شهيد ) يطلبه في حال شغله ، وقال سحنون : وكل من يعلم أنه لا يقبل بجرحة أو تهمة أو غيره لا تلزمه الشهادة ، وإن شهد فيخبر الحاكم أنه عدو المشهود عليه ، أو قريب المشهود له ، ولا يخبر بالجرحة ؛ لأن المجاهرة بالذنوب حرام . وقال أيضا : يخبره ؛ لأن السكوت غش للحاكم ، كما لو كان عبدا أو نصرانيا ، له الإخبار بذلك . قال صاحب المقدمات : مذهب مالك في قوله تعالى : ( وأشهدوا إذا تبايعتم ) الندب في الشهادة على البيع ، وأوجبه بعض الظاهرية ؛ لأن الأمر للوجوب ، وجوابه : قوله تعالى ( وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي أؤتمن أمانته ) فقد جوز الائتمان بعدم الإشهاد ، فتعين ترك الوجوب والحمل على الندب ؛ لأنه أقرب إليه . والإشهاد في الدين مندوب أيضا لقوله تعالى ( إذا تداينتم بدين ) الآية ، ويحمل على الندب قياسا على البيع . واللعان لا يكون إلا بمحضر الناس لانقطاع نسب الولد وغير ذلك ، وفي النكاح مندوب ابتداء ، وإنما يجب عند الدخول وفي الرجعة .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية