الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
ولما تمم الكلام على أحكام الهجر والانصرام أعقب ذلك في النظام بذكر السلام فقال :

مطلب : في فضل بدء السلام ورده وأنه من أسماء الله الحسنى : وكن عالما أن السلام لسنة وردك فرض ليس ندبا بأوطد ( وكن ) أيها المتشرع ، الذي لعلم الآداب متشوق ومتطلع . ( عالما ) علم إخلاص وتحقيق ، وامتثال وتدقيق ، ( أن السلام ) أي ابتداءه . وهو تحية أهل الإسلام ، ومعناه لغة الأمان . قال الحجاوي في لغة إقناعه : السلام من أسماء الله تعالى .

وفي التشهد السلام عليك معرفا ويجوز منكرا ، ومعناه اسم الله عليك ، أو سلم الله عليك تسليما وسلاما ، ومن سلم الله عليه سلم ( لسنة ) مؤكدة صرحت بها الأخبار ، وصحت بها الآثار ، عن النبي المختار ، ونطق بها الكتاب في قوله { فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله } فالسلام سنة عين من المنفرد ، وسنة على الكفاية من الجماعة ، والأفضل السلام من جميعهم ( و ) كن عالما أن ( ردك ) السلام المسنون على من ابتدأه عليك يعني حيث كان الابتداء في حالة يسن الابتداء فيها ( فرض ) على الكفاية من الجماعة . وفرض عين على الواحد لقوله تعالى { وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها } ولما نذكره من الأخبار النبوية ( ليس ) ردك السلام ( ندبا ) أي مندوبا بل واجب خلافا لظاهر كلام جماعة من الأصحاب ، رحمهم الملك الوهاب ( بأوطد ) أي بأثبت وأشهر ، يقال وطد الشيء يطده وطدا فهو وطيد وموطود أثبته وثقله كوطده فتوطد ، ووطد الشيء دام وثبت ورسا ، والمتواطد الدائم الثابت الذي بعضه في أثر بعض كما في القاموس ونحوه في النهاية . فالأثبت والأصح أن الرد واجب لا مندوب . وعلم منه .

أن ابتداء السلام ليس بواجب . وذكره ابن عبد البر إجماعا . وظاهر ما نقل عن الظاهرية وجوبه . وذكر الشيخ رضي الله عنه أن ابتداء السلام واجب في أحد القولين في مذهب أحمد وغيره .

التالي السابق


الخدمات العلمية