الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              الآية الثامنة والأربعون قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن الله مع المتقين } .

                                                                                                                                                                                                              قد قدمنا الإشارة إلى أن الله أمر بأوامر متعددة مختلفة المتعلقات ، فقال : { قاتلوا [ ص: 604 ] الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب } .

                                                                                                                                                                                                              وقال : { فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم } .

                                                                                                                                                                                                              وقال : { وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة } .

                                                                                                                                                                                                              وقال : { قاتلوا الذين يلونكم } .

                                                                                                                                                                                                              وهذا كله صحيح مناسب ، والمقصود قتال جميع المؤمنين لجميع الكفار ، وقتال الكفار أينما وجدوا ، وقتال أهل الكتاب من جملتهم ، وهم الروم ، وبعض الحبشان ، وذلك إنما يتكيف لوجهين : أحدهما : بالابتداء ممن يلي ، فيقاتل كل واحد من يليه ، ويتفق أن يبدأ المسلمون كلهم بالأهم ممن يليهم ، أو الذين يتيقن الظفر بهم .

                                                                                                                                                                                                              وقد سئل ابن عمر بمن نبدأ بالروم أو بالديلم ؟ فقال : بالروم .

                                                                                                                                                                                                              وقد روي في الأثر : " اتركوا الرابضين ما تركوكم " يعني الروم والحبش .

                                                                                                                                                                                                              وقول ابن عمر أصح ، وبداءته بالروم قبل الديلم لثلاثة أوجه : أحدها : أنهم أهل الكتاب ; فالحجة عليهم أكثر وآكد .

                                                                                                                                                                                                              والثاني : أنهم إلينا أقرب ، أعني أهل المدينة .

                                                                                                                                                                                                              الثالث : أن بلاد الأنبياء في بلادهم أكثر ، فاستنقاذها منهم أوجب .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية