الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر قتل تميم بالمشقر

قال هشام : أرسل وهرز بأموال وطرف من اليمن إلى كسرى ، فلما كانت ببلاد تميم دعا صعصعة بن ناجية المجاشعي ، جد الفرزدق الشاعر ، بني تميم إلى الوثوب عليها ، فأبوا ، فقال : كأني بأبي بكر بن وائل وقد انتهبوا ، فاستعانوا بها على حربكم ، فلما سمعوا ذلك وثبوا عليها وأخذوها ، وأخذ رجل من بني سليط يقال له النطف خرجا فيه جوهر ، فكان يقال : " أصاب فلان كنز النطف " فصار مثلا .

وصار أصحاب العير إلى هوذة بن علي الحنفي باليمامة ، فكساهم وحملهم وسار معهم حتى دخل على كسرى ، فأعجب به كسرى ودعا بعقد من در فعقد على رأسه ، فمن ثم سمي هوذة " ذا التاج " ، وسأله كسرى عن تميم هل من قومه أو بينه وبينهم سلم ؟ فقال : لا بيننا إلا الموت . قال : قد أدركت ثأرك ، وأراد إرسال الجنود إلى تميم ، فقيل له : إن ماءهم قليل ، وبلادهم بلاد سوء ، وأشير عليه أن يرسل إلى عامله بالبحرين ، وهو إزاد فيروز بن جشيش الذي سمته العرب المكعبر ، وإنما سمي بذلك لأنه كان يقطع الأيدي والأرجل ، فأمره بقتل بني تميم ، ففعل ، ووجه إليه رسولا ، ودعا هوذة وجدد له كرامة وصلة ، وأمره بالمسير مع رسوله ، فأقبلا إلى المكعبر أيام اللقاط ، وكانت تميم تصير إلى هجر للميرة واللقاط ، فأمر المكعبر مناديا ينادي : ليحضر من كان هاهنا من بني تميم ، فإن الملك قد أمر لهم بميرة وطعام . فحضروا ودخلوا المشقر ، وهو حصن ، فلما دخلوا قتل المكعبر رجالهم واستبقى غلمانهم ، وقتل يومئذ قعنب الرياحي ، وكان فارس يربوع ، وجعل الغلمان في السفن وعبر بهم إلى فارس .

[ ص: 425 ] قال هبيرة بن حدير العدوي : رجع إلينا بعدما فتحت إصطخر عدة منهم ، وشد رجل من بني تميم يقال له عبيد بن وهب على سلسلة الباب فقطعها وخرج ، واستوهب هوذة من المكعبر مائة أسير منهم فأطلقهم .

( حدير بضم الحاء المهملة ، وفتح الدال ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية