الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ( وإنه لهدى ورحمة للمؤمنين ( 77 ) إن ربك يقضي بينهم بحكمه وهو العزيز العليم ( 78 ) فتوكل على الله إنك على الحق المبين ( 79 ) إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين ( 80 ) وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون ( 81 ) )

                                                                                                                                                                                                                                      ( وإنه ) يعني القرآن ، ( لهدى ورحمة للمؤمنين ) ( إن ربك يقضي ) يفصل ( بينهم ) أي : بين المختلفين في الدين يوم القيامة ، ( بحكمه ) الحق ، ( وهو العزيز ) المنيع فلا يرد له أمر ، ( العليم ) بأحوالهم فلا يخفى عليه شيء . ( فتوكل على الله إنك على الحق المبين ) البين . ( إنك لا تسمع الموتى ) يعني الكفار ، ( ولا تسمع الصم الدعاء ) قرأ ابن كثير : " لا يسمع " بالياء وفتحها وفتح الميم " الصم " رفع ، وكذلك في سورة الروم ، وقرأ الباقون بالتاء وضمها وكسر الميم ، " الصم " نصب . ( إذا ولوا مدبرين ) معرضين . فإن قيل ما معنى قوله : ( ولوا مدبرين ) وإذا كانوا صما لا يسمعون سواء ولوا أو لم يولوا ؟ . قيل ذكره : على سبيل التأكيد والمبالغة . وقيل : الأصم إذا كان حاضرا فقد يسمع برفع الصوت ويفهم بالإشارة ، فإذا ولى لم يسمع ولم يفهم . قال قتادة : الأصم إذا ولى مدبرا ثم ناديته لم يسمع ، كذلك الكافر لا يسمع ما يدعى إليه من الإيمان . ومعنى الآية : أنهم لفرط إعراضهم عما يدعون إليه كالميت الذي لا سبيل إلى إسماعه ، والأصم الذي لا يسمع . ( وما أنت بهادي العمي ) قرأ الأعمش ، وحمزة : " تهدي " بالتاء وفتحها على الفعل " العمي " بنصب الياء هاهنا وفي الروم . وقرأ الآخرون بهادي بالباء على الاسم ، " العمي " بكسر الياء ، ( عن ضلالتهم ) أي : ما أنت بمرشد من أعماه الله عن الهدى وأعمى قلبه عن الإيمان ، ( إن تسمع ) ما تسمع ، ( إلا من يؤمن بآياتنا ) إلا من يصدق بالقرآن أنه من الله ، ( فهم مسلمون ) مخلصون .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية