الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      قال ابن عدي في " مسند مالك " بإسناد صح عن ابن وهب : سمعت مالكا يقول : لقد سمعت من ابن شهاب أحاديث كثيرة ما حدثت بها قط .

                                                                                      وقال : نشر نافع عن ابن عمر علما كثيرا أكثر مما نشر عنه بنوه .

                                                                                      الحارث بن مسكين : أخبرنا ابن وهب ، قال مالك : كنت آتي نافعا ، وأنا غلام حديث السن ، مع غلام لي ، فينزل من درجه ، فيقف معي ويحدثني ، وكان يجلس بعد الصبح في المسجد ، فلا يكاد يأتيه أحد .

                                                                                      سعيد بن أبي مريم : سمعت مالكا يقول : جالس نعيم المجمر أبا هريرة عشرين سنة .

                                                                                      قال معن : كان مالك يتقي في حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الياء والتاء ونحوهما .

                                                                                      وقال ابن وهب : قال مالك : العلم حيث شاء الله جعله ، ليس هو بكثرة الرواية .

                                                                                      ابن وهب : سمعت مالكا يقول : حق على من طلب العلم أن يكون له [ ص: 108 ] وقار وسكينة وخشية ، والعلم حسن لمن رزق خيره ، وهو قسم من الله تعالى فلا تمكن الناس من نفسك ، فإن من سعادة المرء أن يوفق للخير ، وإن من شقوة المرء أن لا يزال يخطئ ، وذل وإهانة للعلم أن يتكلم الرجل بالعلم عند من لا يطيعه .

                                                                                      القعنبي : سمعت مالكا يقول : كان الرجل يختلف إلى الرجل ثلاثين سنة يتعلم منه .

                                                                                      قال عبد الله بن نافع : جالست مالكا خمسا وثلاثين سنة .

                                                                                      قال ابن وهب : لو شئت أن أملأ ألواحي من قول مالك : " لا أدري " لفعلت .

                                                                                      حرملة : حدثنا ابن وهب ، سمعت مالكا يقول : ليس هذا الجدل من الدين بشيء . وسمعته يقول : قلت لأمير المؤمنين ، فيمن يتكلم في هذه المسائل المعضلة : الكلام فيها يا أمير المؤمنين يورث البغضاء .

                                                                                      سلمة بن شبيب : حدثنا عبد الرزاق ، سمعت سفيان ، وابن جريج ، ومالكا ، وابن عيينة ، كلهم يقولون : الإيمان قول وعمل يزيد وينقص .

                                                                                      قال مخلد بن خداش : سألت مالكا عن الشطرنج . فقال : أحق هو ؟ فقلت : لا . قال : فماذا بعد الحق إلا الضلال .

                                                                                      قال ابن وهب : حججت سنة ثمان وأربعين ومائة ، وصائح يصيح : لا يفتي الناس إلا مالك بن أنس وابن الماجشون . [ ص: 109 ]

                                                                                      ابن وهب ، عن مالك قال : بلغني أنه ما زهد أحد في الدنيا واتقى ، إلا نطق بالحكمة .

                                                                                      ابن وهب ، عن مالك قال : إن الرجل إذا ذهب يمدح نفسه ، ذهب بهاؤه .

                                                                                      أحمد بن حنبل : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن مالك ، قال : التوقيت في المسح بدعة .

                                                                                      عبد الرحمن بن أبي حاتم : حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم : سمعت الشافعي يقول : اجتمع مالك وأبو يوسف عند أمير المؤمنين ، فتكلموا في الوقوف ، وما يحبسه الناس . فقال يعقوب : هذا باطل . قال شريح : جاء محمد - صلى الله عليه وسلم - بإطلاق الحبس . فقال مالك : إنما أطلق ما كانوا يحبسونه لآلهتهم من البحيرة والسائبة . فأما الوقوف ، فهذا وقف عمر [ ص: 110 ] قد استأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : حبس أصلها ، وسبل ثمرتها وهذا وقف الزبير ، فأعجب الخليفة ذلك منه . وبقي يعقوب

                                                                                      ابن وهب : حدثني مالك قال : كان بين جدار قبلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين المنبر قدر ممر الرجل متحرجا ، وقدر ممر الشاة ، وإن أول من قدم جدار القبلة حتى جعلها عند المقصورة عمر بن الخطاب . وإن عثمان قربها إلى حيث هي اليوم .

                                                                                      داود بن رشيد : حدثنا الوليد بن مسلم : سألت مالكا عن تفضيض المصاحف ، فأخرج إلينا مصحفا ، فقال : حدثني أبي ، عن جدي : أنهم جمعوا القرآن على عهد عثمان ، وأنهم فضضوا المصاحف على هذا أو نحوه .

                                                                                      قال ابن المديني : لمالك نحو ألف حديث ، يعني مرفوعة .

                                                                                      وقال إسماعيل بن أبي أويس : قال لي مالك : قرأت على نافع بن أبي نعيم .

                                                                                      وروى القعنبي ، عن ابن عيينة ، قال : ما ترك مالك على ظهر الأرض مثله . [ ص: 111 ]

                                                                                      قال ابن سعد : كان مالك ثقة ، ثبتا ، حجة ، عالما ، ورعا .

                                                                                      وقال ابن وهب : لولا مالك ، والليث ، لضللنا .

                                                                                      وقال الشافعي : ما في الأرض كتاب في العلم أكثر صوابا من " موطأ مالك " .

                                                                                      قلت : هذا قاله قبل أن يؤلف الصحيحان .

                                                                                      قال خالد بن نزار الأيلي : بعث المنصور إلى مالك حين قدم المدينة ، فقال : إن الناس قد اختلفوا بالعراق ، فضع كتابا نجمعهم عليه . فوضع " الموطأ " .

                                                                                      قال عبد السلام بن عاصم : قلت لأحمد بن حنبل : رجل يحب أن يحفظ حديث رجل بعينه ؟ قال : يحفظ حديث مالك . قلت : فرأي ؟ قال : رأي مالك .

                                                                                      قال ابن وهب : قيل لأخت مالك : ما كان شغل مالك في بيته ؟ قالت : المصحف ، التلاوة .

                                                                                      قال أبو مصعب : كانوا يزدحمون على باب مالك حتى يقتتلوا من الزحام . وكنا إذا كنا عنده لا يلتفت ذا إلى ذا ، قائلون برءوسهم هكذا . وكانت السلاطين تهابه ، وكان يقول : لا ، ونعم . ولا يقال له : من أين قلت ذا ؟ أبو حاتم الرازي : حدثنا عبد المتعال بن صالح من أصحاب مالك ، قال : قيل لمالك : إنك تدخل على السلطان ، وهم يظلمون ، ويجورون ، فقال : يرحمك الله . فأين المكلم بالحق . [ ص: 112 ]

                                                                                      وقال موسى بن داود : سمعت مالكا يقول : قدم علينا أبو جعفر المنصور سنة خمسين ومائة ، فقال : يا مالك ، كثر شيبك . قلت : نعم يا أمير المؤمنين ، من أتت عليه السنون كثر شيبه . قال : ما لي أراك تعتمد على قول ابن عمر من بين الصحابة ؟ قلت : كان آخر من بقي عندنا من الصحابة ، فاحتاج إليه الناس ، فسألوه ، فتمسكوا بقوله .

                                                                                      ذكر علي بن المديني أصحاب نافع ، فقال : مالك وإتقانه ، وأيوب وفضله ، وعبيد الله وحفظه .

                                                                                      ابن عبد الحكم : سمعت الشافعي يقول : قال لي محمد : أيهما أعلم صاحبنا أم صاحبكم ؟ - يعني أبا حنيفة ومالكا - قلت : على الإنصاف ؟ قال : نعم . قلت : أنشدك بالله ، من أعلم بالقرآن ؟ قال : صاحبكم . قلت : من أعلم بالسنة ؟ قال : صاحبكم . قلت : فمن أعلم بأقاويل الصحابة والمتقدمين ؟ قال : صاحبكم . قلت : فلم يبق إلا القياس ، والقياس لا يكون إلا على هذه الأشياء ، فمن لم يعرف الأصول ، على أي شيء يقيس ؟

                                                                                      قلت : وعلى الإنصاف ، لو قال قائل : بل هما سواء في علم الكتاب ، والأول : أعلم بالقياس ، والثاني : أعلم بالسنة ، وعنده علم جم [ ص: 113 ] من أقوال كثير من الصحابة ، كما أن الأول أعلم بأقاويل علي ، وابن مسعود وطائفة ممن كان بالكوفة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرضي الله عن الإمامين ، فقد صرنا في وقت لا يقدر الشخص على النطق بالإنصاف ، نسأل الله السلامة .

                                                                                      قال مطرف بن عبد الله وغيره : كان خاتم مالك الذي مات وهو في يده فصه أسود حجري ، ونقشه : حسبي الله ونعم الوكيل ، وكان يلبسه في يساره ، وربما لبسه في يمينه .

                                                                                      وعن ابن مهدي قال : ما رأيت أحدا أهيب ، ولا أتم عقلا من مالك ، ولا أشد تقوى . .

                                                                                      وقال ابن وهب : ما نقلنا من أدب مالك أكثر مما تعلمنا من علمه . وعن مالك قال : ما جالست سفيها قط .

                                                                                      قال ابن عبد الحكم : أفتى مالك مع نافع وربيعة .

                                                                                      وقال أبو الوليد الباجي : روي أن المنصور حج ، وأقاد مالكا من جعفر بن سليمان الذي كان ضربه . فأبى مالك ، وقال : معاذ الله .

                                                                                      قال مصعب بن عبد الله في مالك :

                                                                                      يدع الجواب فلا يراجع هيبة والسائلون نواكس الأذقان     عز الوقار ونور سلطان التقى
                                                                                      فهو المهيب وليس ذا سلطان



                                                                                      قال أبو عبد الله محمد بن إبراهيم البوشنجي : سمعت عبد الله بن عمر بن الرماح ، قال : دخلت على مالك ، فقلت : يا أبا عبد الله ، ما في [ ص: 114 ] الصلاة من فريضة ؟ وما فيها من سنة ؟ أو قال : نافلة ، فقال مالك : كلام الزنادقة ، أخرجوه .

                                                                                      وقال منصور بن سلمة الخزاعي : كنت عند مالك ، فقال له رجل : يا أبا عبد الله ، أقمت على بابك سبعين يوما حتى كتبت ستين حديثا ، فقال : ستون حديثا ! وجعل يستكثرها . فقال الرجل : ربما كتبنا بالكوفة أو بالعراق في المجلس الواحد ستين حديثا ، فقال : وكيف بالعراق دار الضرب ، يضرب بالليل ، وينفق بالنهار ؟

                                                                                      قال أبو العباس السراج : سمعت البخاري يقول : أصح الأسانيد : مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر .

                                                                                      قال الحافظ ابن عبد البر في " التمهيد " : هذا كتبته من حفظي ، وغاب عني أصلي : إن عبد الله العمري العابد كتب إلى مالك يحضه على الانفراد والعمل . فكتب إليه مالك : إن الله قسم الأعمال كما قسم الأرزاق ، فرب رجل فتح له في الصلاة ، ولم يفتح له في الصوم ، وآخر فتح له في الصدقة ولم يفتح له في الصوم ، وآخر فتح له في الجهاد . فنشر العلم من أفضل أعمال البر ، وقد رضيت بما فتح لي فيه ، وما أظن ما أنا فيه بدون ما أنت فيه ، وأرجو أن يكون كلانا على خير وبر .

                                                                                      قال الحسين بن حسن بن مهاجر الحافظ : سمعت أبا مصعب الزهري يقول : كان مالك بعد تخلفه عن المسجد يصلي في منزله في جماعة يصلون بصلاته ، وكان يصلي صلاة الجمعة في منزله وحده .

                                                                                      [ ص: 115 ] رواية بعض مشايخه عنه

                                                                                      أخبرنا علي بن عبد الغني المعدل ، أخبرنا عبد اللطيف بن يوسف ، وأنبأنا أبو المعالي الأبرقوهي أخبرنا محمد بن أبي القاسم الخطيب ، قالا : أخبرنا أبو الفتح بن البطي أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن محمد الأنباري في المحرم سنة أربع وثمانين وأربع مائة ، أخبرنا عبد الواحد بن محمد الفارسي ، أخبرنا محمد بن مخلد العطار ، حدثنا محمد بن الحارث أبو بكر الباغندي ، حدثنا عبيد بن محمد النساج ، حدثنا أحمد بن شبيب ، حدثنا أبي ، عن يونس بن يزيد ، عن الزهري ، حدثني رجل من أهل المدينة ، يقال له : مالك بن أنس ، عن سعد بن إسحاق ، عن عمته زينب ، عن أبي سعيد أنه خرج في طلب أعلاج له ، ثم قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر الحديث مثل حديث الناس .

                                                                                      وأنبأنا أحمد بن سلامة ، عن جماعة ، أن أبا علي الحداد أخبرهم : أخبرنا أبو نعيم ، حدثنا ابن الصواف ، ومحمد بن حميد ، قالا : حدثنا الباغندي ، حدثنا عبيد النساج ، حدثنا أحمد بن شبيب ، حدثنا أبي ، عن يونس ، عن الزهري ، عن مالك بن أنس ، عن سعد بن إسحاق ، عن عمته [ ص: 116 ] زينب ، عن الفريعة أخت أبي سعيد ، أن زوجها تكارى علوجا له فقتلوه ، فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت : إني لست في مسكن له ، ولا يجري علي منه رزق ، فأنتقل إلى أهل أبياتي ، فأقيم عليهم ؟ قال : اعتدي حيث يبلغك الخبر .

                                                                                      وأخبرناه بتمامه عاليا أبو محمد عبد الخالق بن علوان بقراءتي ، أخبرنا البهاء عبد الرحمن ، أخبرتنا شهدة الكاتبة ، أخبرنا أحمد بن عبد القادر ، أخبرنا عثمان بن دوست ، أخبرنا محمد بن عبد الله ، حدثنا إسحاق بن الحسن الحربي ، حدثنا القعنبي ، أخبرنا مالك عن سعد بن إسحاق ، عن عمته زينب بنت كعب بن عجرة أن الفريعة بنت مالك بن سنان - وهي أخت أبي سعيد الخدري - أخبرتها أنها جاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسأله أن ترجع إلى أهلها في بني خدرة ، فإن زوجها خرج في طلب أعبد له أبقوا حتى إذا كان بظهر القدوم لحقهم فقتلوه ، قالت : فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أرجع إلى أهلي ، فإن زوجي لم يتركني في مسكن يملكه ، ولا نفقة . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نعم . فخرجت . فقال : كيف قلت ؟ فرددت عليه القصة . فقال : " امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله " فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرا ، فلما كان عثمان بن عفان ، أرسل إلي ، فسألني عن ذلك ، [ ص: 117 ] فأخبرته ، فاتبعه ، وقضى به .

                                                                                      وأخبرناه عاليا بدرجات : أحمد بن هبة الله ، عن المؤيد بن محمد ، أخبرنا هبة الله بن سهل ، أخبرنا سعيد بن محمد ، أخبرنا زاهر بن أحمد ، أخبرنا إبراهيم بن عبد الصمد ، حدثنا أبو مصعب ، حدثنا مالك بنحوه .

                                                                                      وبإسنادي إلى ابن مخلد ، حدثنا زكريا بن يحيى الناقد ، حدثنا خالد بن خداش ، حدثنا حماد بن زيد ، عن يحيى بن سعيد ، عن مالك بن أنس ، عن الزهري ، عن عبد الله بن محمد بن علي ، عن أبيه ، عن علي ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه نهى عن متعة النساء يوم خيبر ثم قال حماد : وحدثنا به مالك ، ومعمر بهذا الإسناد .

                                                                                      وأخبرناه عاليا سنقر الزيني بحلب ، أخبرنا الموفق عبد اللطيف ، وأنجب الحمامي ، وعبد اللطيف القبيطي ، ومحمد بن السباك ، وغيرهم قالوا : أخبرنا محمد بن عبد الباقي ، أخبرنا مالك البانياسي ، أخبرنا أحمد بن محمد بن الصلت ، أخبرنا إبراهيم بن عبد الصمد ، أخبرنا أبو مصعب الزهري ، عن مالك ، عن ابن شهاب ، عن عبد الله والحسن ، ابني محمد بن علي ، عن أبيهما ، عن علي بن أبي طالب ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن متعة النساء يوم خيبر ، وعن أكل لحوم الحمر الإنسية . [ ص: 118 ]

                                                                                      وأخبرنا به إسماعيل بن عبد الرحمن ، أخبرنا الإمام أبو محمد بن قدامة ، أخبرنا علي بن عبد الرحمن الطوسي ، أخبرنا مالك البانياسي ، فذكره . وبه إلى ابن مخلد ، حدثنا عبد الملك الرقاشي ، حدثنا أبو غسان يحيى بن كثير العنبري ، حدثنا شعبة ، عن مالك بن أنس ، عن عمرو بن مسلم ، عن سعيد بن المسيب ، عن أم سلمة ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا دخل العشر ، وأراد أحدكم أن يضحي ، فليمسك عن شعره وأظفاره أخرجه مسلم عن شيخ له ، عن العنبري . فوقع لنا بدلا عاليا .

                                                                                      وبه حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني ، أخبرني يحيى بن معين ، حدثنا غندر ، حدثنا شعبة ، عن مالك ، عن عمر أو عمرو بن مسلم بنحوه . هذا غريب ، وليس ذا في " الموطأ " .

                                                                                      الحاكم في ترجمة مالك ، في كتاب " مزكي الأخبار " : حدثنا أبو الطيب محمد بن أحمد الكرابيسي ، حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد ، من أصله ، حدثنا هشام بن عمار ، أخبرنا سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، [ ص: 119 ] عن مالك بن أنس ، عن سمي ، عن أبي صالح ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : السفر قطعة من العذاب . غريب جدا .

                                                                                      قرأت على إسحاق بن طارق ، أخبرك ابن خليل ، أخبرنا أبو المكارم اللبان ، أخبرنا أبو علي الحداد ، أخبرنا أبو نعيم ، حدثنا أبو بكر بن خلاد ، حدثنا محمد بن غالب ، حدثنا القعنبي .

                                                                                      وبه إلى أبي نعيم ، وحدثنا محمد بن حميد ، حدثنا عبد الله بن أبي داود ، حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث ، حدثني أبي ، عن جدي ، عن يحيى بن أيوب ، كلاهما عن مالك ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، قال : نحرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحديبية البدنة عن سبعة .

                                                                                      وبه إلى أبي نعيم ، حدثنا القاضي أبو أحمد محمد بن أحمد ، حدثنا بكر بن سهل ، حدثنا محمد بن مخلد الرعيني ، حدثنا مالك ، عن أبي حازم ، عن سهل ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ساعتان تفتح فيهما أبواب السماء ، قلما ترد فيهما دعوة : حضور الصلاة ، وعند الزحف للقتال . [ ص: 120 ]

                                                                                      رواه أيضا أيوب بن سويد وأبو المنذر إسماعيل بن عمر ، عن مالك . نحوه .

                                                                                      أخبرنا أبو المعالي الهمداني ، أخبرنا محمد بن أبي القاسم بحران أخبرنا محمد بن عبد الباقي ، أخبرنا علي بن محمد الخطيب ، أخبرنا أبو عمر الفارسي ، أخبرنا محمد بن مخلد ، حدثنا جعفر بن أحمد بن عاصم ، حدثنا محمد بن مصفى ، حدثنا محمد بن حرب ، عن ابن جريج ، عن مالك ، عن الزهري ، عن أنس ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - : دخل مكة زمن الفتح وعلى رأسه المغفر . .

                                                                                      أخبرنا أبو المعالي ، أخبرنا محمد ، حدثنا محمد ، أخبرنا علي ، أخبرنا أبو عمر ، أخبرنا ابن مخلد ، حدثنا العلاء بن سالم ، حدثنا شعيب بن حرب ، حدثنا مالك ، حدثنا عامر بن عبد الله بن الزبير ، عن عمرو بن سليم ، عن أبي قتادة بن ربعي قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إذا دخل أحدكم المسجد فليصل ركعتين قبل أن يقعد اتفقا عليه من حديث مالك . [ ص: 121 ]

                                                                                      الحافظ أبو بكر الخطيب : أخبرنا البرقاني ، حدثنا أبو القاسم عبد الله بن إبراهيم الجرجاني ، قرئ على أبي عروبة الحراني ، حدثكم محمد بن وهب ، حدثنا محمد بن سلمة ، عن أبي عبد الرحيم ، عن زيد بن أبي أنيسة ، عن مالك بن أنس ، عن سعيد المقبري ، عن أبيه ، لا أعلمه إلا عن أبي هريرة ، قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : رحم الله عبدا كانت عنده لأخيه مظلمة في نفس ، أو مال ، فأتاه فاستحل منه قبل أن تؤخذ حسناته ، فإن لم يكن له حسنات ، أخذ من سيئات صاحبه ، فتوضع في سيئاته .

                                                                                      الحاكم : حدثنا عمرو بن محمد بن منصور العدل ، حدثنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم ، حدثني أبي ، حدثنا بكر بن مضر ، حدثنا ابن الهاد ، حدثني مالك عن نافع ، عن ابن عمر ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لا يحتلبن أحدكم ماشية أخيه بغير إذنه ، أيحب أحدكم أن تؤتى مشربته فتكسر خزانته ، وينثل ما فيه ، فلا يحلبن أحدكم ماشية أخيه بغير إذنه .

                                                                                      [ ص: 122 ] ورواه إسحاق بن بكر بن مضر ، عن أبيه ، وقد وقع لي عاليا كأني سمعته من الحاكم .

                                                                                      أخبرناه عبد الحافظ بن بدران ، بنابلس ، أخبرنا موسى بن عبد القادر والحسين بن مبارك ، وأخبرنا أحمد بن إسحاق ، أخبرنا الحسن بن مبارك ونفيس بن كرم ، وعبد اللطيف بن عسكر ، وأخبرنا أحمد بن محمد الحافظ ، وعدة ، بمصر ، وسنقر الزيني بحلب ، قالوا : أخبرنا عبد الله بن عمر ، وأخبرنا عبد الله بن محمد بن قوام ، ويوسف بن أبي نصر ، وعلي بن عثمان الأمين ، ومحمد بن حازم ، ومحمد بن يوسف الذهبي ، ومحمد بن هاشم العباسي ، وعمر ، وأبو بكر ، أخبرنا أحمد بن عبد الدائم ، وسويج بن محمد ، ومحمد بن أبي العز ، وفاطمة بنت عبد الله الآمدية ، وخديجة بنت محمد المراتبية وفاطمة بنت إبراهيم البطائحية ، وهدية بنت عبد الحميد قالوا : أنبأنا الحسين بن أبي بكر اليماني ، وأخبرنا علي بن محمد الفقيه ، وأحمد بن هبة الله الحاجب ، ونصر الله بن محمد ، وأحمد بن العماد ، وعلي بن أحمد ، وأحمد بن محمد بن المجاهد ، وعلي بن محمد الملقن ، وأحمد بن رسلان وعمر بن محمد المذهب ، وأحمد بن عبد الرحمن ، وعبد الدائم بن أحمد الوزان ، وعبيد الحميد بن أحمد ، ومحمد بن علي بن فضل ، وأحمد بن عبد الله اليونيني ، ومحمد بن قايماز الدقيقي ، وهدية بنت علي قالوا : أخبرنا الحسين بن أبي بكر وعبد الله بن عمر ، [ ص: 123 ] قالوا ستتهم : أخبرنا عبد الأول بن عيسى ، أخبرنا محمد بن عبد العزيز الفارسي سنة تسع وستين وأربع مائة ، أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي شريح الأنصاري ، أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي ، حدثنا العلاء بن موسى إملاء سنة سبع وعشرين ومائتين ، حدثنا ليث بن سعد ، عن نافع عن ابن عمر ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قام ، فقال : لا يحلبن أحدكم ماشية أحد بغير إذنه ، أيحب أحدكم أن تؤتى مشربته فتكسر باب خزانته ، فينتقل طعامه ، وإنما تخزن لهم ضروع مواشيهم أطعماتهم ، فلا يحلبن أحد ماشية امرئ بغير إذنه أخرجه مسلم عن محمد بن رمح ، عن ليث .

                                                                                      محمد بن يوسف الزبيدي : حدثنا أبو قرة ، عن موسى بن عقبة ، عن مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر مرفوعا : لا تباع الثمرة حتى يبدو صلاحها .

                                                                                      أخبرنا علي بن تيمية ، أخبرنا عبد اللطيف بن يوسف ، وأخبرنا الأبرقوهي ، أخبرنا ابن تيمية الخطيب قالا : أخبرنا ابن البطي ، أخبرنا علي بن محمد ، أخبرنا أبو عمر بن مهدي ، أخبرنا محمد بن مخلد ، حدثنا الرمادي ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا ابن جريج ، عن سفيان الثوري ، عن مالك ، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط ، عن ابن المسيب أن عمر ، وعثمان [ ص: 124 ] قضيا في الملطاة وهي السمحاق بنصف ما في الموضحة . قال عبد الرزاق : ثم قدم علينا سفيان ، فسألناه ، فحدثنا به عن مالك ، ثم لقيت مالكا ، فقلت : إن سفيان حدثنا عنك ، عن ابن قسيط ، عن ابن المسيب أن عمر وعثمان قضيا في الملطاة بنصف الموضحة . فقال : صدق ، حدثته به . قلت : حدثني . قال : ما أحدث به اليوم .

                                                                                      أخبرنا أحمد بن عبد المنعم ، أخبرنا محمد بن سعيد ، وأخبرنا علي بن محمد ، وجماعة ، قالوا : أخبرنا الحسين بن المبارك ، قالا : أخبرنا أبو زرعة ، أخبرنا محمد بن أحمد الساوي أخبرنا أبو بكر الحيري ، حدثنا أبو العباس الأصم ، حدثنا الربيع بن سليمان ، حدثنا الشافعي ، حدثنا سعيد بن سالم ، عن ابن جريج ، عن سفيان ، عن مالك ، نحوه . وهذا إسناد عزيز ، نزل الشافعي في إسناده كثيرا ، تحصيلا للعلم .

                                                                                      الحاكم : أخبرنا أبو جعفر أحمد بن عبيد الحافظ ، حدثنا محمد بن الضحاك بن عمرو ، حدثنا عمران بن عبد الرحيم ، حدثنا بكار بن الحسن ، حدثنا إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة ، عن أبيه ، عن أبي حنيفة ، عن مالك ، عن عبد الله بن الفضل ، عن نافع بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : [ ص: 125 ] قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن في نفسها ، وإذنها صماتها .

                                                                                      أخبرنا به أحمد بن هبة الله ، عن المؤيد الطوسي ، أخبرنا هبة الله السيدي ، أخبرنا أبو عثمان البحيري ، أخبرنا زاهر بن أحمد ، أخبرنا إبراهيم بن عبد الصمد ، حدثنا أبو مصعب ، عن مالك ، نحوه . وساويت الحاكم ، وقد رواه عن مالك سفيان الثوري ، وشريك القاضي ، وشعبة .

                                                                                      الحاكم : أخبرنا أبو علي الحافظ ، أخبرنا أبو الطاهر محمد بن أحمد المديني بمصر ، حدثنا يحيى بن درست ، حدثنا أبو إسماعيل القناد ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن الأوزاعي ، ومالك ، عن الزهري ، عن عمرة ، عن عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : القطع في ربع دينار فصاعدا غريب جدا . ولا نعلم مالكا اجتمع بيحيى ، ولو جرى ذلك لكان يروي عنه ، ولكان من كبراء مشيخة مالك . تفرد به أبو الطاهر ، وفيه مقال . [ ص: 126 ]

                                                                                      يعقوب بن شيبة السدوسي : حدثنا قبيصة ، حدثنا سفيان ، عن المغيرة بن النعمان ، عن مالك بن أنس ، عن هانئ بن حرام ، قال : كتب إلى عمر بن الخطاب في رجل وجد مع امرأته رجلا فقتله ، فكتب في السر : يعطي الدية ، وكتب في العلانية : يقاد منه .

                                                                                      قال يعقوب : أراد عمر أن يرهب بذلك . وبإسنادي إلى ابن مخلد العطار : حدثنا أحمد بن محمد بن أنس ، حدثنا أبو هبيرة الدمشقي ، حدثنا سلامة بن بشر ، حدثنا يزيد بن السمط ، عن الأوزاعي ، عن مالك ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إن الغادر ينصب له لواء يوم القيامة ، فيقال : هذه غدرة فلان أخرجه النسائي عن يزيد بن عبد الصمد ، عن سلامة به . ووقع لنا عاليا . أخبرناه علي بن أحمد الحسيني أخبرنا محمد بن أحمد القطيعي ، [ ص: 127 ] أخبرنا أحمد بن محمد العباسي ، أخبرنا الحسن بن عبد الرحمن الشافعي ، أخبرنا أحمد بن إبراهيم العبقسي أخبرنا محمد بن إبراهيم الديبلي حدثنا محمد بن أبي الأزهر ، حدثنا إسماعيل بن جعفر ، حدثنا عبد الله بن دينار بهذا .

                                                                                      وبإسنادي إلى ابن مخلد ، قال : حدثني أحمد بن سعد الزهري ، قال : ذكر علي بن بحر القطان ، سمعت ابن أبي حازم ، يقول : رأيت البتي قائما على رأس مالك بن أنس . وبه : حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الحنين ، حدثنا الأصمعي ، عن شعبة ، قال : قدمت المدينة سنة ثماني عشرة ومائة ، فوجدت لمالك حلقة ، ووجدت نافعا قد مات .

                                                                                      وبه : أخبرنا الرمادي ، حدثنا الحكم بن عبد الله ، أخبرني أبي ، عن مالك ، قال : رحت إلى الظهر من بيت ابن هرمز اثنتي عشرة سنة .

                                                                                      وبه : حدثنا الرمادي ، حدثنا الحكم ، أخبرنا أشهب ، عن مالك ، قال : حدثني ابن شهاب ، فقلت له : أعده علي . قال : لا . قلت : أما كان يعاد عليك ؟ قال : لا . فقلت : كنت تكتب ؟ قال : لا . وكف الحديدة - يعني اللجام .

                                                                                      أخبرنا أحمد بن إسحاق بن محمد المؤيدي ، أخبرنا أحمد بن [ ص: 128 ] يوسف ، والفتح بن عبد الله ، قالا : أخبرنا محمد بن عمر الأرموي أخبرنا أحمد بن محمد البزاز ، أخبرنا علي بن عمر الحربي ، حدثنا أحمد بن الحسن الصوفي ، حدثنا يحيى بن معين ، حدثنا معن ، عن مالك ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يصافح امرأة قط . أخرجه النسائي في جمعه أحاديث مالك ، عن معاوية بن صالح الدمشقي ، عن يحيى بن معين .

                                                                                      أخبرنا عمر بن عبد المنعم الطائي غير مرة ، أخبرنا عبد الصمد بن محمد الشافعي سنة تسع وست مائة - وأنا في الرابعة - أخبرنا علي بن المسلم الفقيه ، أخبرنا أبو نصر الحسين بن محمد الخطيب ، سنة خمس وستين وأربع مائة ، أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد الغساني ، بصيدا ، سنة أربع وتسعين وثلاث مائة ، حدثنا أبو روق أحمد بن محمد الهزاني بالبصرة ، حدثنا محمد بن الوليد البسري ، حدثنا غندر ، حدثنا شعبة عن مالك . ( ح ) وأخبرنا بعلو أحمد بن هبة الله بن أحمد ، عن المؤيد بن محمد ، [ ص: 129 ] أخبرنا هبة الله بن سهل ، أخبرنا سعيد بن محمد ، أخبرنا زاهر بن أحمد ، أخبرنا إبراهيم بن عبد الصمد ، حدثنا أبو مصعب ، حدثنا مالك ، عن عبد الله بن الفضل ، عن نافع بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : الأيم أحق بنفسها من وليها ، والبكر تستأذن في نفسها ، وإذنها صماتها . لفظ شعبة .

                                                                                      أخبرنا أبو المعالي الأبرقوهي ، أخبرنا زكريا بن علي بن حسان ببغداد ، وأخبرنا أبو الحسين علي بن محمد ببعلبك ، وأحمد بن محمد بمصر ، وجماعة ، قالوا : أخبرنا أبو المنجا عبد الله بن عمر بن اللتي ، قالا : أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى ( ح ) وأخبرنا يحيى بن أبي منصور الفقيه كتابة ، أخبرنا عبد القادر الحافظ ، أخبرنا عبد الجليل بن أبي سعد ، بهراة ، قالا : أخبرتنا أم الفضل بيبى بنت عبد الصمد ، قالت : أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد الأنصاري ، أخبرنا عبد الله بن محمد ، حدثنا مصعب الزبيري ، حدثني مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل الكعبة هو وأسامة ، وبلال ، وعثمان بن طلحة الحجبي ، فأغلقها عليهم ، ومكث فيها ، فسألت بلالا حين خرج : ماذا صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : جعل عمودا عن يساره ، وعمودين عن يمينه ، وثلاثة أعمدة وراءه ، وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة ، ثم صلى . [ ص: 130 ] وبه حدثني مالك ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الولاء وعن هبته .

                                                                                      وفاة مالك

                                                                                      قال القعنبي : سمعتهم يقولون : عمر مالك تسع وثمانون سنة ، مات سنة تسع وسبعين ومائة .

                                                                                      وقال إسماعيل بن أبي أويس : مرض مالك ، فسألت بعض أهلنا عما قال عند الموت ، قالوا : تشهد ، ثم قال : لله الأمر من قبل ومن بعد وتوفي صبيحة أربع عشرة من ربيع الأول سنة تسع وسبعين ومائة ، فصلى عليه الأمير عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس الهاشمي ، ولد زينب بنت سليمان العباسية ، ويعرف بأمه . رواها محمد بن سعد عنه ، ثم قال : وسألت مصعبا ، فقال : بل مات في صفر ، فأخبرني معن بن عيسى بمثل ذلك .

                                                                                      وقال أبو مصعب الزهري : مات لعشر مضت من ربيع الأول سنة تسع ، وقال محمد بن سحنون : مات في حادي عشر ربيع الأول ، وقال ابن وهب : مات لثلاث عشرة خلت من ربيع الأول .

                                                                                      قال القاضي عياض الصحيح : وفاته في ربيع الأول يوم الأحد لتمام اثنين وعشرين يوما من مرضه . [ ص: 131 ]

                                                                                      وغسله ابن أبي زنبر وابن كنانة ، وابنه يحيى وكاتبه حبيب يصبان عليهما الماء ، ونزل في قبره جماعة ، وأوصى أن يكفن في ثياب بيض ، وأن يصلى عليه في موضع الجنائز ، فصلى عليه الأمير المذكور . قال : وكان نائبا لأبيه محمد على المدينة ، ثم مشى أمام جنازته ، وحمل نعشه ، وبلغ كفنه خمسة دنانير .

                                                                                      قلت : تواترت وفاته في سنة تسع فلا اعتبار لقول من غلط وجعلها في سنة ثمان وسبعين ، ولا اعتبار بقول حبيب كاتبه ، ومطرف فيما حكي عنه ، فقالا : سنة ثمانين ومائة .

                                                                                      ونقل القاضي عياض أن أسد بن موسى قال : رأيت مالكا بعد موته ، وعليه طويلة ، وثياب خضر وهو على ناقة ، يطير بين السماء والأرض . فقلت : يا أبا عبد الله ، أليس قد مت ؟ قال : بلى . فقلت : فإلام صرت ؟ فقال : قدمت على ربي وكلمني كفاحا ، وقال : سلني أعطك ، وتمن علي أرضك .

                                                                                      قال القاضي عياض : واختلف في سنه . فقال عبد الله بن نافع الصائغ ، وابن أبي أويس ، ومحمد بن سعد ، وحبيب : إن عمره خمس وثمانون سنة . قال : وقيل : أربع وثمانون سنة ، وقيل : سبع وثمانون سنة ، وقال الواقدي : تسعون سنة ، وقال الفريابي ، وأبو مصعب : ست وثمانون سنة . وقال القعنبي : تسع وثمانون سنة ، وعن عبد الرحمن بن القاسم ، قال : عاش سبعا وثمانين سنة . وشذ أيوب بن صالح ، فقال : [ ص: 132 ] عاش اثنتين وتسعين سنة . قال أبو محمد الضراب : هذا خطأ . الصواب ست وثمانون .

                                                                                      واختلف في حمل أمه به : فقال معن ، والصائغ ، ومحمد بن الضحاك : حملت به ثلاث سنين . وقال نحوه والد الزبير بن بكار ، وعن الواقدي : حملت به سنتين .

                                                                                      قلت : ودفن بالبقيع اتفاقا ، وقبره مشهور يزار - رحمه الله .

                                                                                      ويقال : إنه في الليلة التي مات فيها ، رأى رجل من الأنصار قائلا ينشد :

                                                                                      لقد أصبح الإسلام زعزع ركنه     ‎غداة ثوى الهادي لدى ملحد القبر
                                                                                      إمام الهدى ما زال للعلم صائنا     عليه سلام الله في آخر الدهر



                                                                                      قال : فانتبهت ، فإذا الصارخة على مالك .

                                                                                      ثم أورد القاضي عياض عدة منامات حسنة للإمام وسائر كتابه بلا أسانيد ، وفي بعض ذلك ما ينكر .

                                                                                      قال ابن القاسم : مات مالك عن مائة عمامة ، فضلا عن سواها .

                                                                                      وقال ابن أبي أويس : بيع ما في منزل خالي مالك من بسط ، ومنصات ، ومخاد ، وغير ذلك ، بما ينيف على خمس مائة دينار .

                                                                                      وقال محمد بن عيسى بن خلف : خلف مالك خمس مائة زوج من [ ص: 133 ] النعال ، ولقد اشتهى يوما كساء قوصيا ، فما مات إلا وعنده منها سبعة ، بعثت إليه .

                                                                                      وأهدى له يحيى بن يحيى النيسابوري هدية ، فوجدت بخط جعفر : قال مشايخنا الثقات : إنه باع منها من فضلتها بثمانين ألفا .

                                                                                      قال أبو عمرو : ترك من الناض ألفي دينار وست مائة دينار ، وسبعة وعشرين دينارا ، ومن الدراهم ألف درهم .

                                                                                      قلت : قد كان هذا الإمام من الكبراء السعداء ، والسادة العلماء ، ذا حشمة وتجمل ، وعبيد ، ودار فاخرة ، ونعمة ظاهرة ، ورفعة في الدنيا والآخرة . كان يقبل الهدية ، ويأكل طيبا ، ويعمل صالحا . وما أحسن قول ابن المبارك فيه :

                                                                                      صموت إذا ما الصمت زين أهله     وفتاق أبكار الكلام المختم
                                                                                      وعى ما وعى القرآن من كل حكمة     وسيطت له الآداب باللحم والدم



                                                                                      قال القاضي عياض رحمه الله فيه :

                                                                                      يا سائلا عن حميد الهدي والسنن     اطلب ، هديت علوم الفقه والسنن
                                                                                      وعقد قلبك فاشدده على ثلج     لا تطوينه على شك ولا دخن
                                                                                      [ ص: 134 ] واسلك سبيل الألى حازوا نهى وتقى     كانوا فبانوا حسان السر والعلن
                                                                                      هم الأئمة والأقطاب ما انخدعوا     ولا شروا دينهم بالبخس والغبن
                                                                                      أصحاب خير الورى أحبار ملته     خير القرون نجوم الدهر والزمن
                                                                                      من اهتدى بهداهم مهتد وهم     نجاة من بعدهم من غمرة الفتن
                                                                                      وتابعوهم على الهدي القويم هم     أهل التقى والهدى والعلم والفطن
                                                                                      فاختر لدينك ذا علم تقلده     مشهر الذكر في شام وفي يمن
                                                                                      حوى أصولهم ثم اقتفى أثرا     نهجا إلى كل معنى رائق حسن
                                                                                      ومالك المرتضى لا شك أفضلهم     إمام دار الهدى والوحي والسنن
                                                                                      فعنه حز علمه إن كنت متبعا     ودع زخارف كالأحلام والوسن
                                                                                      فهو المقلد في الآثار يسندها     خلاف من هو فيها غير مؤتمن
                                                                                      [ ص: 135 ] وهو المقدم في فقه وفي نظر     والمقتدى في الهدى في ذلك الزمن
                                                                                      وعالم الأرض طرا بالذي حكمت     شهادة المصطفى ذي الفضل والمنن
                                                                                      ومن إليه بأقطار البلاد غدت     تنضى المطايا وتضحى بزل البدن
                                                                                      من أشرب الخلق طرا حبه فجرى     طي القلوب كجري الماء في الغصن
                                                                                      وقال كل لسان في فضائله     قولا وإن قصروا في الوصف عن لسن
                                                                                      عليه من ربه أصفى عواطفه     ومن رضاه كصوب العارض الهتن
                                                                                      وجاد ملحده وطفاء هاطلة     تسقي برحماه مثوى ذلك الجنن



                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية