الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في أخذ الصدقات والتشديد فيها

                                                                                                          حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن أبا بكر الصديق قال لو منعوني عقالا لجاهدتهم عليه

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          18 - باب ما جاء في الصدقات والتشديد فيها

                                                                                                          606 604 - ( مالك أنه بلغه أن أبا بكر الصديق قال : لو منعوني عقالا لجاهدتهم عليه ) وروى ابن وهب وابن القاسم عن مالك : أن العقال هو القلوص ، وقال محمد بن عيسى : وهو واحد العقل التي يعقل بها الإبل ; لأن الذي يعطي البعير في الزكاة يلزمه أن يعطي معه عقاله ، أي لو أعطوني البعير ومنعوني ما يعقل به لجاهدتهم ، أو أراد المبالغة في تتبع الحق أو التقليل كما يقال : والله لا تركت منها شعرة ، وقال أبو عبيدة : العقال صدقة عام كما قال :


                                                                                                          سعى عقالا فلم يترك لنا سيدا فكيف لو قد سعى عمرو عقالين

                                                                                                          .

                                                                                                          وروي عناقا أراد أيضا التقليل ; لأن العناق لا تؤخذ في الصدقة عند طائفة من العلماء ، ولو كانت عناقا كلها ، قاله الباجي ، واستبعد بعضهم قول أبي عبيدة بأنه تعسف وذهاب عن طريقة العرب ; لأن الكلام خرج مخرج التضييق والتشديد والمبالغة ، فيقتضي قلة ما علق به العقال وحقارته لا صدقة عام ، وهذا البلاغ أخرجه الشيخان وغيرهما من طريق الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة : " أن أبا هريرة قال لما توفي - صلى الله عليه وسلم - ، وكان أبو بكر وكفر من كفر من العرب ، فقال عمر : كيف تقاتل الناس وقد قال - صلى الله عليه وسلم - : أمرت أن أقاتل الناس حتى [ ص: 186 ] يقولوا لا إله إلا الله ، فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه ، وحسابه على الله . فقال : والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ، فإن الزكاة حق المال ، والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم على منعها . قال عمر : فوالله ما هو إلا أن شرح الله صدر أبي بكر فعرفت أنه الحق " . وبسط أبو داود وغيره اختلاف الرواة في أنه قال : عناقا أو عقالا .




                                                                                                          الخدمات العلمية